للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر أنه قال: "المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، وإن اضطر إلى شيء من لبس الثياب التي لا بد له منها، والدواء، صنع ذلك وافتدى".

فقد ثبت بهذه الروايات أيضًا عن أصحاب رسول الله -عليه السلام- ما يوافق ما تأولنا عليه حديث الحجاج اللي ذكرنا.

ش: رجاله كلهم رجال الصحيح، وأخرجه مالك في "موطإه" (١).

قوله: "لا يحل حتى يطوف بالبيت" هو قول ابن عمر وابن عباس وعائشة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال ابن مسعود: يبعث بهدي ويواعد صاحبه يوم نحره فإذا ذبح في ذلك اليوم حل قبل أن يصل هو إلى البيت، وروي مثله عن زيد بن ثابت، وهو قول جمهور أهل العراق، وقول أبي حنيفة وأصحابه، وقاله عطاء بن أبي رباح أيضًا.

قوله: "فقد ثبت بهذه الروايات" أشار بها إلى رواية ابن عباس وابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم-، فإن الروايات عنهم كلها تدل على أن المحصر لا يحل إلا بنحر الهدي، وهي تؤيد ما ذكره من التأويل في حديث الحجاج بن عمرو. والله أعلم.

ص: ثم اختلف الناس بعد هذا في الإِحصار الذي هذا حكمه، بأي شيء هو، وبأي معنى يكون؟ فقال قوم: يكون بكل حابس يحبسه من مرض أو غيره، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقد روينا ذلك أيضًا فيما تقدم من هذا الباب عن ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهم-.

ش: أي بعد أن ثبت أن المحصر لا يحل إلا بنحر الهدي؛ اختلف الناس في الإِحصار بأي شيء يكون، وبأي معنى يكون؟ فقال قوم وهم عطاء بن أبي رباح


(١) "موطأ مالك" (١/ ٣٦١ رقم ٨٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>