وإسحاق، فإنهم قالوا: لا يكون الإِحصار إلا بالعدو خاصة، ولا يكون بالمرض، وهو قول عبد الله بن عمر وبين ذلك بما أخرجه عنه من طريقين صحيحين:
أحدهما: عن أبي شريح القضاعي، عن محمد بن يوسف الفريابي شيخ البخاري، عن سفيان الثوري ... إلى آخره.
والآخر: عن يونس بن عبد الأعلى، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه عبد الله بن عمر.
وأخرجه مالك في "موطإه"(١) وفي "شرح الموطأ": مذهب مالك والشافعي: أن المحصر بالمرض لا يحل دون البيت، وسواءٌ عند مالك شرط عند إحرامه التحلل للمرض أو لم يشترط، وقال الشافعي: له شرطه.
وقال أبو عمر: الإِحصار عند أهل العلم على وجوه: منها المحصر بالعدو، ومنها بالسلطان الجائر، ومنها بالمرض وشبهه، فقال مالك والشافعي وأصحابهما: من أحصره المرض فلا يحله إلا الطواف بالبيت، ومن حصر بعدو فإنه ينحر هديه حيث حصر، ويتحلل وينصرف ولا قضاء عليه، إلاَّ أن يكون ضرورة؛ فيحج الفريضة، ولا خلاف بين الشافعي ومالك وأصحابهما في ذلك، وقال ابن وهب وغيره: كل من حبس عن الحج بعدما يحرم بمرض، أو حصار من العدو، أو خاف عليه الهلاك، فهو محصر، عليه ما على المحصر، ولا يحل دون البيت، وكذلك من أصابه كسر أو بطن متحرق، وقال مالك: أهل مكة في ذلك كأهل الأفاق؛ لأن الإِحصار عنده في المكي: الحبس عن عرفة خاصة، قال: فإن احتاج المريض إلى دواء تداوى به وافتدى، وهو على إحرامه لا يحل من شيء منه حتى يبرأ من مرضه، فإذ برأ من مرضه مضى إلى البيت فطاف به سبعًا، وسعى بين الصفا والمروة، وحل من حجه أو عمرته، قال أبو عمر: هذا كله قول الشافعي أيضًا، وذهبا في المحصر يمرض إلى قول ابن عمر -رضي الله عنهما-.