ص: فلما وقع في هذا الاختلاف، وقد روينا عن رسول الله -عليه السلام- من حديث الحجاج بن عمرو وابن عباس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- ما ذكرنا من قوله -يعني النبي -عليه السلام-: "من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى".
ثبت أن الإِحصار يكون بالمرض كما يكون بالعدو؛ فهذا وجه هذا الباب من طريق تصحيح الآثار.
ش: أي فلما وقع في حكم المحصر هذا الاختلاف بين العلماء من الصحابة وغيرهم، والحال أنا روينا عن النبي -عليه السلام- ... إلى آخره، وهو ظاهر.
قوله:"ثبت" جواب لقوله: "فلما".
قوله:"هذا" أي ما ذكرنا من ذلك "وجه هذا الباب من طريق" التوفيق بين معاني الآثار.
ص: وأما وجهه من طريق النظر: فإنا قد رأيناهم أجمعوا أن إحصار العدو يجب به للمحصر الإِحلال كما ذكرنا.
واختلفوا في المرض؛ فقال قوم: حكمه حكم العدو في ذلك إذا كان قد منعه من المضي في الحج كما منعه العدو، وقال آخرون: حكمه بائن من حكم العدو فأردنا أن ننظر ما أبيح بالضرورة من العدو هل يكون مباحًا بالضرورة بالمرض أم لا؟
فوجدنا الرجل إذا كان يطيق القيام كان فرضه أن يصلي قائمًا، وإن كان يخاف إن قام أن يعاينه العدو فيقتله أو كان العدو قائمًا على رأسه فيمنعه عن القيام؛ فكل قد أجمع أنه قد حل له أن يصلي قاعدًا وسقط عنه فرض القيام.
وأجمعوا أن رجلاً لو أصابه مرض أو زمانه [فمنعه](١) ذلك من القيام؛ أنه قد سقط عنه فرض القيام وحل له أن يصلي قاعدًا، يركع ويسجد إذا أطاق ذلك، أو يومئ إن كان لا يطيق ذلك، فرأينا ما أبيح له من هذا بالضرورة في العدو قد أبيح له
(١) في "الأصل، ك": "تمنعه"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".