للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالضرورة من المرض، ورأينا الرجل إذا حال العدو بينه وبين الماء سقط عنه فرض الوضوء ويتيمم ويصلي وكانت هذه الأشياء التي قد عذر فيها بالعدو قد عذر فيها أيضًا بالمرض وكانت الحال في ذلك سواء ثم رأينا المحصر بالعدو قد عذر فجعل له في ذلك أن يفعل ما جعل للمحصر أن يفعل حتى يحل، واختلفوا في المحصر بالمرض فالنظر على ما ذكرنا من ذلك أن يكون ما ذهب له من العدو بالضرورة بالعدو يجب له أيضًا بالضرورة بالمرض ويكون حكمه في ذلك سواء كما كان حكمه في ذلك أيضًا سواء في الطهارات والصلاة.

ش: أي وأما وجه هذا الباب من طريق النظر والقياس.

قوله: "فقال قوم" هم أبو حنيفة وأصحابه والثوري ومن قال بقولهم.

قوله: "وقال آخرون" هم مالك والشافعي وأحمد ومن قال بقولهم.

قوله: "حكمه بائن" أراد أن حكم من منعه المرض مخالف لحكم من منعه العدو وحاصل وجه هذا القياس أن يقال أن الحج عبادة كالصلاة ففي الصلاة يعذر المكلف بالمرض وبالعدو جميعًا، فالنظر على ذلك ينبغي أن يعذر أيضًا في الحج بالمرض والعدو، ثم اعلم أن الله تعالى قال في كتابه الكريم: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (١) قال الكسائي وأبو عبيدة وأكثر أهل العلم باللغة: الإِحصار المنع بالمرض أو ذهاب النفقة، والحصر حصر العدو ويقال: أحصره المرض وحصره العدو، وحكي عن الفراء أن أجاز كل واحد منهما مكان الآخر وأنكره المبرد والزجاج وقالا: وهما مختلفان في المعنى ولا يقال في المرض: حصره ولا في العدو أحصره وإنما هذا كقولهم: حبسه إذا جعله في الحبس وأحبسه أي عرضه للحبس وقتله أوقع به القتل وأقتله أي عرضه للقتل، وقبره دفنه في القبر، وأقبره عرضه للدفن في القبر، وكذلك حصره حبسه، وأحصره عرضه للحصر، وقد روى ابن أبي نجيح عن عطاء، عن ابن عباس "أن الحصر يختص بالعدو وأن المرض


(١) سورة البقرة، آية: [١٩٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>