حدثنا محمد، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن يونس بن عُبيد، عن عُبيد صاحب الحلي قال:"سألت ابن عباس عن المملوك إذا حج ثم عتق بعد ذلك، قال: فعليه الحج أيضًا، وعن الصبي يحج ثم يحتلم، قال: يحج أيضًا".
وقد زعمتم أن من روى حديثًا فهو أعلم بتأويله، فهذا ابن عباس قد روى عن النبي -عليه السلام- ما قد ذكرنا في أول هذا الباب، ثم قال هو ما قد ذكرنا، فيجب على أصلكم أن يكون ذلك دليلًا على معنى ما روي عن النبي -عليه السلام- من ذلك.
ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية على أهل المقالة الأولى، وأراد بها الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأولى بحديث ابن عباس المذكور، وهو ظاهر، ولكن ملخصه: أنه لا يدل على مدَّعاهم؛ لأن فيه إخبارًا أن للصبي حجًّا ونحن أيضًا نقول به، ولا خلاف فيه لأحد غير طائفة من أهل البدعة والضلال، ولا يلزم من كون الحج له سقوطه عنه بعد البلوغ، فيحوز أن يكون له حج وهو غير فريضة، كما إذا صلى نقول أن له صلاة ولكنها ليست بفرض.
قوله:"وإنما هذا الحديث" أي حديث ابن عباس المذكور حجة على من زعم أنه لا حج للصبي، وهو قول طائفة من أهل البدع ولا يشتغل به، أراد أنكم تحتجون بهذا الحديث علينا فيما ذهبنا إليه وليس ذلك بصحيح؛ فإنا لا ننكر أن يكون للصبي حج، وإنما نقول: إن له حجًّا ولكنه ليس بفريضة فلم نخالف نحن شيئًا من هذا الحديث وإنما خالفنا تأويلكم خاصة؛ لأنكم ادعيتم أنه حجة لسقوط حجة الإِسلام عنه، ونحن أنكرنا ذلك بدلالة أن راوي هذا الحديث الذي هو ابن عباس قد صرف معنى هذا الحديث إلى المعنى الذي صرفنا إليه، وأنتم قد زعمتم أن كل من روى حديثًا فهو أعلم بتأويله، فعلى أصلكم هذا كان يجب ألَّا تخالفوا المعنى الذي صرفه ابن عباس حيث قال:"فإن أدرك فعليه الحج".