للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج البيهقي (١): من حديث ابن عيينة، عن مطرف، عن أبي السفر، سمع ابن عباس يقول: "يا أيها الناس اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسْمِعُوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس، من طاف بالبيت فليطف من وراء الحِجْر ولا تقولوا: الحطيم فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه، وأيما صبي حج به أهله فقد قضيت حجته ما دام صغيرًا، فإذا بلغ فعليه حجة أخرى، وأيما عبد حج به أهله فقد قضيت حجته ما دام عبدًا، فإذا عتق فعليه حجة أخرى".

وأخرجه البخاري مختصرًا (٢).

ص: فإن قال قائل: فما الذي دلك على أن ذلك الحج لا يجزئه من حجة الإِسلام؟ قلت: قول رسول الله -عليه السلام-: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يكبر ... ".

وقد ذكرت ذلك بأسانيده في غير هذا الموضع من هذا الكتاب، فلما ثبت أن القلم عن الصبي مرفوع، ثبت أن الحج عليه غير مكتوب، وقد أجمعوا أن صبيا لو دخل في وقت صلاة فصلاها، ثم بلغ بعد ذلك في وقتها أن عليه أن يعيدها وهو في حكم من لم يصلها، فلما ثبت ذلك من اتفاقهم ثبت أن الحج كذلك، وأنه إذا بلغ وقد حج قبل ذلك أنه في حكم من لم يحج، وعليه أن يحج بعد ذلك.

ش: تقرير السؤال أن يقال: قد ثبت في الحديث أن الصبي له حج، وما الدليل على أن ذلك الحج لا يكفيه عن حجة الإِسلام؟

وتقرير الجواب: أن قوله -عليه السلام-: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يكبر ... " الحديث.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ١٥٦ رقم ٩٤٧٩).
(٢) "صحيح البخاري" (٣/ ١٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>