للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرج في [...] (١) يدل على أن الحج غير واجب عليه؛ لأنه غير مكلف لارتفاع القلم عنه، فإذا كان غير واجب عليه وقد حج حج ما ليس فرض عليه فإذا بلغ وجب عليه حجة الإِسلام عند وجود شرائطه، لتوجه الخطاب عليه.

قوله: "وقد أجمعوا أن صييًّا ... إلى آخره" ذكره لأجل القياس عليه، وهو متفق عليه، فيكون حكمه حكم ذاك، والله أعلم.

ص: فإن قال قائل: فقد رأينا في الحج حكمًا يخالف حكم الصلاة، وذلك أن الله -عز وجل- إنما أوجب الحج على من وجد إليه سبيلًا, ولم يوجبه على غيره، فكان من لم يجد سبيلًا إلى الحج فلا حج عليه كالصبي الذي لم يبلغ، ثم قد أجمعوا أن من لم يجد سبيلًا إلى الحج فحمل على نفسه ومشى حتى حج أن ذلك يجزئه، وان وجد سبيلاً بعد ذلك لم يجب عليه أن يحج ثانية للحجة التي قد كان حجها قبل وجود السبيل، فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك الصبي إذا حج قبل البلوغ ففعل ما لم يجب عليه أجزأه ذلك ولم يجب عليه أن يحج ثانية بعد البلوغ.

قيل له: إن الذي لا يجد السبيل إنما سقط الفرض عنه لعدم الوصول إلى البيت، فإذا مشى فصار إلى البيت، فقد بلغ البيت وصار من الواجدين السبيل، فوجب الحج عليه لذلك، فلذلك أجزأه حجه لأنه صار بعد بلوغه كمن كان منزله هنالك فعليه الحج، وأما الصبي ففرض الحج غير واجب عليه قبل وصوله لي الييت وبعد وصوله إليه؛ لرفع القلم عنه، فإذا بلغ بعد ذلك فحينئذٍ وجب عليه فرض الحج، فلذلك قلنا: أن ما قد كان من حجه قبل بلوغه لا يجزئه وأن عليه أن يستأنف الحج بعد بلوغه كمن لم يكن حج قبل ذلك، فهذا هو النظر أيضًا في هذا، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.

ش: تقرير السؤال أن يقال: قياس الحج على الصلاة في حكم الصبي غير مطرد؛ لأن في الحج حكمًا يخالف حكم الصلاة، وهو أن الحج إنما وجب على واجد


(١) بيض له المؤلف، وقد تقدم تخريجه كما ذكر الطحاوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>