السبيل فمن لم يجد سبيلًا لا حج عليه كالصبي الغير بالغ، ثم أنه إذا حمل على نفسه وحج يقع ذلك عن حجة الإِسلام، حتى إذا وجد بعد ذلك سبيلًا لا تجب عليه حجة أخرى، فالقياس على ذلك أن يكون حكم الصبي كذلك إذا حج قبل البلوغ الذي ليس عليه، ولا تجب عليه حجة أخرى.
وتقرير الجواب أن يقال: إنما سقط الفرض عن الذي لا يجد السبيل لعدم ما يوصله إلى البيت، فإذا تحمل ذلك بالمشي فقد وصل إلى البيت وصار من الواجدين السبيل، فوقع عن فرضه، فلا تجب عليه حجة أخرى، بخلاف الصبي فإن عدم الفرض عليه لارتفاع القلم عنه، وسواء في حقه الوصول إلى البيت وعدمه، فإذا بلغ توجه عليه الخطاب، ووجب عليه الحج ثانيًا والله أعلم.
قوله:"وهذا قول أبي حنيفة" أي هذا الذي ذكر من وجوب الحج على الصبي الذي قد حج قبل البلوغ ثم بلغ قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وهو قول إبراهيم النخعي أيضًا والحسن البصري والزهري وطاوس.
وأما العبد فقد ذكرنا حكمه عن قريب.
وقال أبو عمر: اختلف العلماء في المراهق والعبد يحرمان بالحج ثم يحتلم هذا ويعتق هذا قبل الوقوف بعرفة، فقال مالك وأصحابه: لا سبيل إلى رفض الإِحرام لهذين ولا لأحد، متمسكين بقوله:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}(١) ومن رفض إحرامه فلم يتم حجه ولا عمرته.
وقال أبو حنيفة: جائزٌ للصبي إذا بلغ قبل الوقوف بعرفه أن يجدد إحرامًا، فإن تمادى على إحرامه ذلك لم يجزئه عن حجة الإِسلام.
وقال أبو حنيفة: إن وصل العبد مع مولاه مكة فلم يحرم من الميقات ثم أذن له فأحرم من مكة بالحج فعليه الدم إذا عتق لتركه الميقات.