للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونها، وقال ابن عباس ومجاهد: هم أهل الحرم، وقال الحسن وطاوس ونافع وعبد الرحمن الأعرج: أهل مكة، وهو قول مالك بن أنس، وقال الشافعي: هم من كان أهله دون ليلتين، وهو حينئذ أقرب المواقيت، وما كان وراءهم فعليهم المتعة، قال الجصاص: لما كان أهل المواقيت فمن دونها إلى مكة لهم أن يدخلوها بغير إحرام وجب أن يكونوا بمنزلة أهل مكة ألا ترى أن من خرج من مكة مما لم يجاوز الميقات فله الرجوع ودخولها بغير إحرام وكان تصرفهم في الميقات فما دونه بمنزلة تصرفهم من مكة؟ فوجب أن يكونوا بمنزلة أهل مكة في حكم المتعة، ويدل على أن الحرم وما قرب منه أهله من حاضري المسجد الحرام وليس أهل مكة منهم؛ لأنهم قد كانوا أسلموا حين فتحت وإنما نزلت الآية بعد الفتح في حجة أبي بكر -رضي الله عنه- وهم بنو مدلج وبنو الديل، وكانت منازلهم خارص مكة في الحرم وما قرب منه.

فإن قيل: كيف يكون أهل ذي الحليفة من حاضري المسجد الحرام وبينهم وبين مكة مسيرة عشر ليال؟

قيل له: وإن لم يكونوا من حاضري المسجد الحرام فهم في حكمهم من باب جواز دخولهم مكة بغير إحرام، ومن باب أنهم متى أرادوا الإِحرام أحرموا من منازلهم، كما أن أهل مكة إذا أرادوا الإِحرام أحرموا من منازلهم، فيدل ذلك على أن المعنى: حاضروا المسجد الحرام ومن في حكمهم انتهى.

ثم إن المكي لا يكره له التمتع ولا القران عند الشافعي ومالك وأحمد وداود، وإن تمتع لم يلزمه دم، وقال أبو حنيفة: يكره له التمتع والقران، فإن تمتع أو قرن فعليه دم جبرًا، وهما في حق الآفاقي مستحبان، ويلزمه الدم شكرًا.

قوله: "وقد قال بهذا القول" أراد به القول بأن حاضري المسجد الحرام هم أهل مكة خاصة "نافع وعبد الرحمن الأعرج" وهو قول عطاء والحسن البصري وطاوس وسفيان وداود ومالك -في رواية-.

<<  <  ج: ص:  >  >>