الكرماني عنه استحسانه قال: وهو الأصح لا سيما أنه كان بمبضع ونحوه فيصير كالفصد أو الحجامة، وأما قوله:"وهذه قولة لا نعلم لأبي حنيفة فيها متقدم من السلف" قول فاسد؛ لأن ابن بطال ذكر أن إبراهيم النخعي أيضًا لا يرى الإِشعار.
ثم كيفية الإِشعار على ما ذكره أبو يوسف ومحمد: هو أن يطعنها في سنامها من الجانب الأيسر حتى يسيل الدم، وعند الشافعي وأحمد -في رواية-: الأيمن، وهما استدلا بما رواه عن ابن عمر أنه كان يشعرها مرة في الأيمن ومرة في الأيسر، ذكره ابن بطال، وقال السفاقسي: إذا كانت البدنة ذللًا أشعرها من الأيسر، وإن كانت صعبة قرن بدنتين ثم قام بينهما واشعر أحديهما من الأيمن والأخرى من الأيسر، وقال ابن قدامة: وعن أحمد: من الجانب الأيسر؛ لأن ابن عمر فعله، وبه قال مالك، وحكاه ابن حزم عن مجاهد، وفي "شرح الموطأ" للإِشبيلي: وجائز الإِشعار في الجانب الأيمن وفي الجانب الأيسر، وكان ابن عمر ربما فعل هذا وربما فعل هذا، وأكثر أهل العلم يستحبونه في الجانب الأيمن، منهم الشافعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق؛ لحديث ابن عباس:"أن رسول الله -عليه السلام- صلى الظهر بذي الحليفة، ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها اليمنى، ثم سلت الدم منها، وقلدها بنعليه".
وقال مالك: تشعر من الجانب الأيسر كما روى نافع عن ابن عمر وكذلك رواه عبيد الله، وقال مجاهد: أشعر من حيث شئت، قال: والإِشعار طولاً في شق البعير
أخذًا من جهة مقدم البعير إلى جهة عجزه فيكون مجرى الدم عريضًا فيتبين الإَشعار، ولو كان مع عرض البعير كان مجرى الدم يسيرًا خفيفًا لا يقع به مقصود الإَعلان بالهدي، فإن لم يكن للإِبل أو البقر أسنمة قلدت ولم تشعر واختار ابن حبيب أن تشعر الإِبل والبقر، وإن لم يكن لها أسنمة، وأما الغنم فلا تشعر جملة، وقال ابن بطال: اختلفوا في إشعار البقر، فكان ابن عمر يقول تشعر في أسنمتها، وحكاه ابن حزم عن أبي بن كعب، وقال عطاء والشعبي: تقلد وتشعر، وهو قول أبي ثور، وقال مالك: تشعر التي لها سنام وتقلد، ولا تشعر التي لا سنام لها وتقلد، وقال سعيد بن جبير: تقلد ولا تشعر.