الظلة التي بني بها فيها". قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد بن الأصم مرسلاً: "أن النبي -عليه السلام- تزوج ميمونة وهو حلال".
ص: فكان من حجتنا عليهم أن هذا الأمر إن كان يؤخذ من طريق صحة الإِسناد واستقامته وهكذا مذهبهم، فإن حديث أبي رافع الذي ذكروا فإنما رواه مطر الوراق، ومطر عندهم ليس هو ممن يحتج بحديثه، وقد رواه مالك، وهو أضبط منه وأحفظ فقطعه.
حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا، حدثه عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار: "أن رسول الله -عليه السلام- بعث أبا رافع مولاه ورجلًا من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج". وحديث يزيد بن الأصم فقد ضعفه عمرو بن دينار في خطابه للزهري، وترك الزهري الإِنكار عليه، وأخرجه من أهل العلم وجعله أعرابيًا بوالاً، وهم يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار والزهري، وقد أجمعا جميعًا على الكلام بما ذكرنا في يزيد بن الأصم، ومع هذا فإن الحجة عندكم في ميمون بن مهران هو جعفر بن برقان، وقد روى هذا الحديث منقطعًا.
حدثنا فهد، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال: "كنت عند عطاء فجاءه رجل، فقال: هل يتزوج المحرم؟ فقال: ما حرم الله -عز وجل- النكاح منذ أحله، قال ميمون: فقلت له: إن عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- كتب إليَّ أن سل يزيد بن الأصم أكان رسول الله -عليه السلام- حين تزوج ميمونة حلالًا أو حرامًا؟ فقال يزيد: تزوجها وهو حلال، فقال عطاء: ما كنا نأخذ بهذا إلاَّ عن ميمونة، كنا نسمع أن رسول الله -عليه السلام- تزوجها وهو محرم".
فأخبر جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران بالسبب الذي وقع إليه هذا الحديث عن يزيد بن الأصم، وأنه إنما كان ذلك من قول يزيد لا عن ميمونة