ولا عن غيرها، ثم حَاجَّ ميمون بعد عطاء فذكره عن يزيد ولم يجوزه به، فلو كان عنده عمن هو أبعد منه لاحتج به؛ ليؤكد بذلك حجته، فهذا هو أصل هذا الحديث أيضًا عن يزيد بن الأصم لا عن غيره، والذين رووا أن النبي -عليه السلام- تزوجها وهو محرم أهل علم وثبت أصحاب ابن عباس -رضي الله عنهما- سعيد بن جبير وعطاء وطاوس ومجاهد وعكرمة وجابر بن زيد -رضي الله عنهم- وهؤلاء أئمة فقهاء يحتج برواياتهم وآرائهم، والذين نقلوا عنهم فكذلك أيضًا منهم: عمرو بن دينار وأيوب السختياني وعبد الله ابن أبي نجيح، فهؤلاء أيضًا أئمة يقتدي برواياتهم، ثم قد روي عن عائشة أيضًا ما قد وافق ما روي عن ابن عباس، روى ذلك عنها من لا يطعن أحد فيه: أبو عوانة، عن مغيرة، عن أبي الضحى، عن مسروق، فكل هؤلاء أئمة يحتج بروايتهم، فما رووا من ذلك أولى مما روى من ليس كمثلهم في الضبط والفقه والأمانة.
وأما حديث عثمان -رضي الله عنه- فإنما رواه نبيه بن وهب، وليس كعمرو بن دينار ولا كجابر بن زيد ولا كمن روى ما يوافق ذلك عن مسروق، عن عائشة، ولا لنُبَيْه أيضًا موضع في العلم كموضع أحد [ممن](١) ذكرنا، فلا يجوز إذ كان كذلك أن يعارض بين جميع من ذكرنا ممن روى بخلاف الذي روى هو؛ فهذا حكم هذا الباب من طريق الآثار.
ش: أبي فكان من حجتنا ودليلنا على أهل المقالة الأولى، وأراد بها الجواب عن الاعتراض المذكور، بيانه أن يقال: إن مذهبكم ومسلككم أنكم تدعون أن هذا الأمر لا يؤخذ إلا من طريق صحة الإِسناد واستقامته، ثم تخالفون هذا وترجحون الأحاديث التي فيها أنه -عليه السلام- تزوج ميمونة وهو حلال، على حديث ابن عباس أنه -عليه السلام- تزوجها وهو حرام، مع علمكم بأن طرق حديث ابن عباس أصح من تلك الأحاديث! وهذا تعسف منكم وعدم إنصاف، بيان ذلك: أما حديث أبي رافع الذي تحتجون به في جملة حججكم فإنه رواه مطر الوراق، ومطر عندكم ليس ممن
(١) في "الأصل، ك": "مما"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".