يحتج بحديثه، قال النسائي: مطر بن طهمان الوراق ليس بالقوي. وعن أحمد: كان في حفظه سوء ولين، سلمنا أنه مجمع عليه في ثقته وضبطه ولكنه ليس كرواة حديث ابن عباس ولا قريبًا منهم، ومع هذا فقد روى مالك بن أنس حديث أبي رافع وقطعه ولم يوصله، ولا يشك أحد أن مالكًا أحفظ من مطر وأضبط منه، وقال أبو عمر بن عبد البر: حديث مالك عن ربيعة في هذا الباب غير متصل، قد رواه مطر الوراق فوصله، رواه حماد بن زيد، عن مطر الوراق، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سليمان بن يسار، عن أبي رافع، وذلك عندي غلط من مطر؛ لأن سليمان بن يسار ولد سنة أربع وثلاثين -وقيل: سنة تسع وعشرين- ومات أبو رافع بالمدينة بعد قتل عثمان بيسير، وكان قتل عثمان -رضي الله عنه- في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وغير جائز ولا ممكن أن يسمع سليمان من أبي رافع، فلا معنى لرواية مطر، وما رواه مالك أولى, والله أعلم. انتهى.
قلت: العجب من البيهقي يعرف هذا المقدار في هذا الحديث ثم يسكت عنه ويقول مطر بن طهمان الوراق قد احتج به مسلم بن الحجاج! ومن يحتج في كتابه بمثل أبي بكر بن أبي مريم والحجاج بن أرطاة وموسى بن عبيدة وابن لهيعة ومحمد ابن دينار الطاهي ومن هو أضعف منهم لا ينبغي له أن يرد رواية مطر الوراق، فانظر إلى هذا الكلام العجيب الذي لا طعم له، حيث يعرض بهذا ويلوح إلى الطحاوي بغير أصل ولا طريق، فالطحاوي متى ضعف مطر الوراق؟! وإنما أخبر عن الخصم أنهم لا يحتجون بحديثه وبَيَّنَ أن وصله حديث أبي رافع غير صحيح كما ذكره أبو عمر، وأن قطعه هو الصحيح كما رواه مقطوعًا من هو أضبط منه، ولا مناسبة لذكر البيهقي أيضًا هؤلاء الجماعة الذين أشار إليهم بضعفهم؛ لأن الطحاوي لم يحتج في هذا المقام بأحد من هؤلاء حتى يورد عليه شيء، وإن كان قد روى لواحد منهم في غير هذا الموضع من الكتاب فيكون ذلك إما في المتابعات أو الشواهد، أو يكون قد ظهر عنده ما يوجب توثيق هؤلاء فاحتج بهم، فقول الطحاوي في هذا الباب حجة، فتوثيقه توثيق، وتضعيفه تضعيف، ولا ينازعه