أحد في ذلك، ألا ترى إلى الشيخين فإنهما قد احتجا في "صحيحهما" بجماعة من الناس قد ضعفهم غيرهما فلم يعتبر الناس ذلك، فكذلك الطحاوي، والذي ذكره البيهقي هو شأنه وهو واقع فيه، فإنه في "سننه" ربما يحتج بواحد من الرواة عند كون الحجة له، ثم يضعفه في موضع آخر عند كون الحجة عليه، فمن تتبع ذلك في "سننه" وقف على ما ذكرنا، ونعوذ بالله من البهتان.
وأما حديث يزيد بن الأصم فإنه قد ضعفه عمرو بن دينار في خطابه للزهري فلم يبق الاستدلال به صحيحًا، وذلك [لأنهم](١) يضعفون الرجل بأقل من هذا الكلام، وبكلام من هو أقل من عمرو بن دينار، فما لهم يسكتون ها هنا ولا يقولون بتضعيف حديث يزيد بن الأصم؟! وقد ذكرنا فيما مضى ما قال البيهقي ها هنا، وما أجبت عنه، ولو كان كلام عمرو بن دينار لم يكن طعنًا في يزيد بن الأصم لكان الزهري يرد عليه ما قاله فيه، فسكوته دليل على أن الصواب مع عمرو بن دينار، ومع هذا فإن الحجة عندهم في ميمون بن مهران هو جعفر بن برقان، وقد روى جعفر بن برقان هذا الحديث منقطعًا.
أخرجه الطحاوي، عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران قال:"كتب عطاء ... ". إلى آخره فأخبر جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران بالسبب الذي له وقع إليه هذا الحديث عن يزيد بن الأصم، وأنه إنما كان ذلك من قول يزيد بن الأصم لا عن ميمونة ولا عن غيرها، ما يدفع بذلك ما قال البيهقي: رواه ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، عن ميمونة موصولاً، وإن كان جعفر بن برقان رواه عن ميمون مرسلًا فقد رواه حبيب بن الشهيد وهو أوثق من جعفر بن برقان ومعه الوليد بن زروان، كلاهما عن ميمون بن مهران موصولاً، صح روايتهما عن ميمون رواية أبي فزارة، عن يزيد موصولاً، وكل بحمد الله ثقة، فلا يبقى لك طعن في رواية