آخر خلافة عمر -رضي الله عنه- واختلف في إباحتها عن ابن الزبير، وعن علي فيها توقف، وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إنما أنكرها إذا لم يشهد عليها عدلان فقط، وأباحها بشهادة عدلين، وصح تحريمها عن ابن عمر وعن ابن أبي عمرة الأنصاري.
قلت: أما ما ذهب إليه الشيعة من ذلك فعجب على قاعدتهم، وإن كانوا ليسوا على قاعدة صحيحة؛ لأن عمدتهم في مذهبهم الرجوع إلى قول علي وأولاده، وقد صح عن علي -رضي الله عنه- على ما يجيء أنها منسوخة، وأنكر على ابن عباس اعتقاده أنها غير منسوخة، وكذا روي عن جعفر بن محمد الصادق -رضي الله عنهما-.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجوز هذا النكاح، واحتجوا بأن الآثار التي احتج بها عليهم أهل المقالة الأول قد كانت ثم نسخت بعد ذلك، وأن رسول الله -عليه السلام- نهى عن المتعة.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: الحسن البصري وإبراهيم النخعي والأوزاعي والثوري ومكحولاً والليث بن سعد وعبد الله بن المبارك وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد وإسحاق وأبا ثور وأبا عُبيد وداود ومحمد بن جرير وجماهير العلماء من التابعين ومن بعدهم، فإنهم قالوا: المتعة حرام، قد كانت مباحة ثم نسخت.
وقال الإِمام أبو عبد الله المازري: ثبت أن نكاح المتعة كان جائزا في أول الإِسلام، ثم ثبت نسخه بالأحاديث المتأخرة وتقرر الإِجماع على منعه ولم يخالف فيه إلاَّ طائفة من المبتدعة، وتعلقوا بالأحاديث الواردة في ذلك، وقد ذكرنا أنها منسوخة.
وقال عبد الحق: في كلامه مسامحة لقوله: "لم يخالف فيه إلاَّ طائفة من المبتدعة" وقد حكينا من خالف فيه من الصحابة والتابعين، قال: واختلاف الأحاديث في زمن النسخ ليس بقادح.