وأما قول الحسن: إنها كانت في عمرة القضاء لا قبل ولا بعد، فيرده ثبات حديث خيبر وهي قبلها وما جاء في إباحتها في أحاديث يوم الفتح وأوطاس مع أن الرواية بهذا جاءت عن سبرة وهو راوي الروايات الأُخر وهي أصح، فيترك ما خالف الصحيح، وقد قال بعضهم: هذا مما تداوله التحريم والإِباحة والنسخ مرتين كما قيل في مسألة القبلة انتهى.
قلت: هذا موضع قد استشكله الناس كثيراً، حتى استشكل بعضهم حديث علي:"أن رسول الله -عليه السلام- نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر". وقال: هذا مشكل من جهتين:
الأولى: أن يوم خيبر لم يكن ثمة نساء يتمتعون بهن؛ إذ قد حصل لهم الاستغناء بالسبايا عن نكاح المتعة.
الثانية: أنه ثبت في "صحيح مسلم" أن رسول الله -عليه السلام- أذن لهم في المتعة زمن الفتح ثم لم يخرج من مكة حتى نهى عنها، وقال:"إن الله حرمها إلى، يوم القيامة" فعلى هذا يكون قد نهى عنها ثم أذن فيها ثم حرمت، فيلزم النسخ مرتين، وهو بعيد.
قلت: قد روي عن الشافعي أنه قال: لا نعلم شيئًا أبيح ثم حرم ثم أبيح ثم حرم غير نكاح المتعة، وحكى السهيلي وغيره عن بعضهم أنه ادعى أنها أبيحت ثلاث مرات وحرمت ثلاث مرات، وقال آخرون: أربع مرات، واختلفوا أي وقت أول ما حرمت؟ فقيل: في خيبر، وقيل: في عمرة القضاء، وقيل: في عام الفتح، وقيل: في أوطاس، وقيل: في تبوك، وقيل: في حجة الوداع، وقد روى أبو داود في حديث الربيع بن سبرة عن أبيه النهي عنها في حجة الوداع، وقال أبو داود: هذا أصح ما روي في ذلك، وروي عن الحسن: أنها ما حلت قط إلاَّ في عمرة القضاء والله أعلم.