الحسن: قوله: "وإن شئت ثلثت ثم درت" معناه بمثل ذلك أدور ثلاثًا ثلاثًا، فلم يعطها في السبع شيئًا إلاَّ أعلمها أنه يعطي غيرها مثلها، فدل ذلك على المساواة بينهن، ولو استحقت الثيب ثلاثة أيام قسمة لها لوجب إذا سبَّع عندها أن يربِّع لغيرها من نسائه.
وقال الخطابي: قوله: "إن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي" لا حجة فيه لسقوط حقها إذا لم يسبِّع لها وهو الثلاث، ولو كان ذلك لم يكن للتخيير معنى؛ إذ لا يخير الإِنسان بين جميع الحق وبعضه، ولم يختلفوا أنه إذا سبع أنه يسبع لبقية نسائه، وبه قال الشافعي وأحمد.
قلت: معنى قوله: "إن سبعت لك" هو ما ذكره الطحاوي، وبه يدفع ما قاله الخطابي.
ص: فقال أصحاب المقالة الأول: فما معنى قوله: ثم أدور؟ قيل لهم: يحتمل ثم أدور بالثلاث عليهن جميعًا؛ لأنه لو كانت الثلاثة حقًّا لها دون سائر النساء لكان إذا أقام عندها سبعًا كان ثلاثة منهن غير محسوبة عليها, ولوجب أن يكون لسائر النساء أربع أربع، فلما كان الذي للنساء إذا أقام عندها سبعًا، سبعًا لكل واحدة منهن، كان كذلك إذا أقام عندها ثلاثًا فلكل واحدة منهن ثلاث، ثلاث. هذا هو النظر الصحيح مع استقامة تأويل هذه الآثار عليه.
ش: هذا السؤال على التفسير الذي ذكره بقوله: "أن أعدل بينكن ... إلى آخره" بيانه إذا كان المعنى على ما ذكرتم فما معنى: "ثم أدور"؛ لأنه لم يبق له حينئذٍ فائدة؛ لأن معناه: إن سبعت لك سبعت لغيرك أيضًا، وإن لم أسبع لك وثلثت أدور عليهن بيوم يوم.
والجواب أن المعنى: أعدل بينك وبينهن، فإذا سبعت لك سبعت لكل واحدة منهن غيرك، وإن ثلثت لك أدور بالثلاث عليهن جميعًا. فافهم. والله أعلم.