وهذا منقطع؛ لأن أبا إسحاق لم يسمعه من عمير، وإنما رواه عن عاصم عن عمرو البجلي.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا بأس بما تحت الإزار منها إذا اجتنبت مواضع الدم.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عكرمة ومجاهدًا والشعبي، والنخعي والثوري والأوزاعي والحكم بن عتيبة ومسروقًا والشافعي -في الأصح- وأحمد بن حنبل وأصبغ بن الفرج وإسحاق وأبا ثور وداود، فإنهم قالوا: لا بأس أن يستمتع الرجل بما تحت الإزار من الحائض إذا اجتنب موضع الدم.
وممن قال بهذا القول: محمد بن الحسن وأبو يوسف -في رواية- قالوا: وهذا أقوى دليلاً؛ لحديث أنس:"اصنعوا كل شيء إلا الجماع" واقتصار النبي -عليه السلام- في مباشرته على ما فوق الإزار محمول على الاستحباب.
واعلم أن مباشرة الحائض أقسام:
إحداهما: حرام بالإجماع، ولو اعتقد حلَّه يكفر، وهو أن يباشرها في الفرج عامدًا، فإن فعله غير مستحل يستغفر إلله تعالى ولا يعود إليه. وهل تجب عليه الكفارة؟ فيه خلاف للعلماء.
الثاني: المباشرة فيما فوق السرة وتحت الركبة بالذكر أو بالقبلة أو بالمعانقة أو اللمس أو غير ذلك، فهذا حلال بالإجماع، إلاَّ ما حكي عن عَبيدة السلماني وغيره:"أنه لا يباشر شيئاً" فهو شاذ منكر مردود بالأحاديث الصحيحة.
والثالث: المباشرة فيما بين السرة والركبة في غير القبل والدبر، فعند أبي حنيفة ومن ذكرنا معه: حرام. وعند محمد ومَن ذكرنا معه: يجتنب شعار الدم فقط.
ص: وقالوا: أما ما ذكرتم مِنْ فعل النبي -عليه السلام- فلا حجة لكم في ذلك؛ لأنا نحن لا ننكر أن لزوج الحائض منها ما فوق الإزار فيكون هذا الحديث حجةً علينا، بل نحن نقول: له منها ما فوق الإزار وما تحته إذا اجتنب مواضع الدم كما له أن يفعل