للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أي وتأول هؤلاء الآخرون قوله تعالى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١). على غير التأويل الذي تأوله أهل المقالة الأولى والمعنى: أولوه {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١). مستقبلين أو مستدبرين ولكن في موضع الحرث وهو الفرج خاصّة؛ وذلك لأن اليهود لما قالوا: مَنْ أتى امرأته باركةً جاء الولد أحول، أنزل الله -عز وجل- {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (١) دفعًا لقولهم وإنكارًا عليهم، فبيَّن الله تعالى في ذلك كذبهم، وإباحة الوطء في الفرج سواء كان من جهة الدبر أو من جهة القبل، فحينئذٍ تقتصر إباحة الوطء في الفرج، ويبقى الوطء في الدبر حرامًا كما كان قبل.

ولقائل أن يقول: إن القاعدة عندكم أن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب. قلنا: نعم، هذه هي القاعدة، ولكن وردت أحاديث كثيرة، فأخرجت الآية عن عمومها واقتصرتها على إباحة الوطء في الفرج، ولكن على أي وجه كان، من أي شيء كان، وفيه مناقشة، وهي أن يقال: نقل عن الشافعي ثم عن النسائي أيضًا أنه لم يصح عن النبي -عليه السلام- شيء في تحريم إتيان النساء في أدبارهن ولا في إباحته.

قلت: عدم الصحة عندهما لا ينافي الصحة عند غيرهما. والله أعلم.

ثم إنه أخرج حديث جابر من أربع طرق صحاح:

الأول: رجاله كلهم رجال الصحيح، عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة ... إلى آخره.

وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): نا سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر، سمع جابرًا يقول: "كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته في قبلها من دبرها كان الولد أحول، فنزلت: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (١) ".

الثاني: أيضًا رجاله كلهم رجال الصحيح.


(١) سورة البقرة، آية [٢٢٣].
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٥١٧ رقم ١٦٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>