قوله:"والدليل على صحة هذا إنكار سالم بن عبد الله أن يكون هذا من أبيه". أي الدليل على صحة مضادة هذه الرواية ما رواه أهل المقالة الأولى وعلى صحة هذه الرواية وسقوط ما رواه أهل المقالة الأول إنكار سالم بن عبد الله بن عمر أن يكون ذلك -أي خبر إباحة إتيان النساء في أدبارهن- من أبيه؛ حيث قال: كذب العبد أو أخطأ يعني نافعًا مولى أبيه عبد الله وذلك لما قال نافع عن ابن عمر "أنه كان لا يرى بأسًا بإتيان النساء في أدبارهن" أخرج ذلك عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سعيد بن الحكم -المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ البخاري- عن عطاف بن خالد بن عبد الله بن العاص القرشي المخزومي أبي صفوان المدني، وثقه يحيى وأحمد وأبو داود، وروى له الترمذي والنسائي وأبو داود في القدر، عن موسى بن عبد الله ابن حسين بن حسن العلوي -وثقه ابن معين، وقال البخاري: فيه نظر- عن أبيه عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- وثقه أبو حاتم والنسائي، وقال يحيى ابن معين: ثقة مأمون، وقال الواقدي: كان من العبَّاد -عن سالم بن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهم-.
قوله:"ولقد قال ميمون بن مهران ... إلى أخره" إشارة إلى وجه آخر في فساد ما روي عن نافع، عن ابن عمر في إباحة إتيان النساء في أدبارهن والحاصل أنه بيَّن فساد رواية نافع عن مولاه التي احتج بها أهل المقالة الأولى بثلاثة أشياء:
الأول: أن سالمًا قد كذبه في هذا أو نسبه إلى الخطأ، وفي رواية قال:"كذب العلج على أبي -يعني نافعًا- كما كذب عكرمة على ابن عباس".
الثاني: أن ميمون بن مهران الجزري الأسدي قال: "إنما قال ذلك نافع بعد ما ذهب عقله"، قال الطحاوي: حدثنا بذلك -أي بما روي عن ميمون هذا- فهد بن سليمان، عن علي بن معبد بن شداد العبدي الرقي -نزيل مصر- عن عبيد الله بن عمرو بن أبي الوليد الأسدي الرقي، عن ميمون.
فيكون هذا الكلام عن نافع وقت خرفه فلا يعبأ به وقد يضعف ما هو أكثر من هذا بما هو أقل مما قال ميمون.