للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ليس على ما تأوله أهل المقالة الأولى، ولكن على إباحة وطء النساء باركات في فروجهن.

ش: هذا جواب عما رواه مالك، عن عبد الله بن عمر من إباحة وطء النساء في أدبارهن، بيان ذلك أن يقال: سلمنا أن ما ذكرتم روي عن ابن عمر رواه عنه سعيد بن يسار، ولكن روى سعيد بن يسار عنه أيضًا ما يضادّه ويخالفه وهو ما أخرجه من طريقين صحيحين:

الأول: عن فهد بن سليمان، عن عبد الله بن صالح -وراق الليث بن سعد، وشيخ البخاري- عن الليث بن سعد قال: حدثني الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار قال: قلت لابن عمر: ... إلى آخره.

وأخرجه الدارمي في "مسنده" (١): أنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال: حدثني الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال: "قلت: لابن عمر: ما تقول في الجواري أُحمِّضهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكرت الدُّبُر، قال: وهل يفعل ذلك أحدٌ من المسلمين".

الثاني: عن ربيع بن سليمان المؤذن -صاحب الشافعي- عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن الحارث بن يعقوب، عن سعيد بن يسار ... إلى آخره نحوه.

قوله: "أنُحَمِّض" بالحاء المهملة والضاد المعجمة، يقال: أحمضت الرجل عن الأمر أي حولت عنه وهو من أحمضت الإِبل إذا ملَّت من رعي الخُلة وهو الحلو من النبات واشتهت الحمض فتحولت إليه ومنه قيل للتفخيذ في الجماع: تحميض فهذا قد ضادّ وخالف ما رواه أهل المقالة الأول عن ابن عمر مع ما فيه من الإنكار البليغ حيث نَسَبَ ابن عمر مَنْ يفعل ذلك إلى الخروج من زمرة المسلمين فدلَّ ذلك ما روي عنه في إباحة ذلك ساقط غير صحيح.


(١) "سنن الدارمي" (١/ ٢٧٧ رقم ١١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>