تقول في الجواري، أنُحَمِّض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكرت الدُبُر، فقال: وهل يفعل ذلك أحدٌ من المسلمين؟! ".
فقد ضادَّ هذا عن ابن عمر ما قد رواه عنه أهل المقالة الأولى، والدليل على صحة هذا: إنكار سالم بن عبد الله أن يكون ذلك من أبيه.
حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا عطَّاف بن خالد، عن موسى بن عبد الله بن حسن، أن أباه سأل سالم بن عبد الله أن يحدثه بحديث نافع، عن ابن عمر: "أنه كان لا يرى بأسًا بإتيان النساء في أدبارهن، فقال سالم: كذب العبد -أو أخطأ- إنما قال: لا بأس أن يؤتين في فروجهن من أدبارهن".
ولقد قال ميمون بن مهران: "إن نافعًا إنما قال ذلك بعدما كبُر وذهب عقله".
حدثنا بذلك فهدٌ، قال: ثنا علي بن معبد، قال: ثنا عُبيد الله، عن ميمون بن مهران، فقد يضعف ما هو كثر من هذا بأقل من قول ميمون، ولقد أنكره نافع أيضًا على من رواه عنه:
حدثنا يزيد بن سنان قال: ثنا زكريا بن يحيى كاتب العمري قال: ثنا المفضَّل بن فضالة، عن عبد الله بن عياش، عن كعب بن علقمة، عن أبي النضر، أنه أخبره قال لنافع مولى عبد الله بن عمر: "أنه قد أُكثِر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن، قال نافع: كذبوا عليَّ ولكن سأخبرك كيف الأمر، إن ابن عمر -رضي الله عنهما- عرض المصحف يومًا وأنا عنده حتى بلغ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، قال: يا نافع هل تعلم مِنْ أمر هذه الآية؟ قلت: لا، قال: إنا كنا معشر قريش نجبِّي النساء، فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار أردنا منهن مثل ما كنا نريد فإذا هن قدْ كَرِهْنَ ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله -عز وجل-: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، ففي هذا الحديث إنكار نافع لما روي عنه عن ابن عمر من إباحة وطء النساء في أدبارهن وأخبار منه عن ابن عمر أن تأويل قوله الله -عز وجل-: