ش: أراد بالقوم هؤلاء: قتادة وأبا قلابة عبد الله بن زيد وسعيد بن المسيب وآخرين؛ فإنهم قالوا: يكره للرجل أن يطأ امرأته أو أَمَته وهي حبلى، واستدلوا على ذلك بالحديث المذكور، وهذا الخلاف إنما هو في المرأة الحبلى أو الجارية الحبلى إذا كانت حبلت منه، أما إذا اشترى جارية حبلى أو سبى امرأةً وهي حبلى لا يجوز له أن يطأها بالإجماع حتى تضع حملها.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا بأس بذلك، واحتجوا في ذلك بما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا يحيى بن أيوب، أخبرني عياش بن عباس، قال: أخبرني أبو النضر، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص قال:"إن رجلاً جاء إلى رسول الله -عليه السلام- فقال: إني أعزل عن امرأتي، فقال: لِمَ؟ قال: شفقًا على الولد، فقال رسول الله -عليه السلام-: إذا كان لذلك فلا، ما كان ضارَّ فارس أو الروم".
ففي هذا الحديث إباحة وطء الحامل، وإخبارٌ من رسول الله -عليه السلام- أنَّ ذلك إذ كان لا يضر فارس والروم فإنه لا يضر غيرهم، فخالف هذا الحديث حديث أسماء -رضي الله عنها-.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: عطاء بن أبي رباح ومجاهدًا والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا ومالكًا والشافعي وأحمد وآخرين، فإنهم قالوا: لا بأس بذلك -أي بوطء الحامل واستدلوا على ذلك بحديث أسامة بن زيد -رضي الله عنهما-؛ فإن في حديثه إباحة وطء الحامل، وأخبر فيه رسول الله -عليه السلام- أن ذلك كان لا يضر فارس والروم، فإذا كان لا يضر هؤلاء فكذلك لا يضر غيرهم، وهو معنى قوله:"وإخبار من رسول الله -عليه السلام- أن ذلك" أي وطء الحامل "إذْ كان" أي حين كان "لا يضر فارس والروم؛ فإنه لا يضر غيرهم".
ثم إنه أخرج حديث أسامة بإسناد صحيح على شرط مسلم: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سعيد بن الحكم المعروف بابن أبي مريم المصري شيخ