للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالة الأخرى -التي هي زائدة على تلك الحالة-: وهي كونه نبيًّا رسولاً من عند الله معصومًا في قوله وفعله، بحيث أنه إذا قال قولاً أو فعل فعلاً فهو الحق عند الله تعالى ولا يقع خلافه أصلًا؛ لأنه من الله تعالى وعليه قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (١) غير أن الوحي قسمان:

أحدهما: متلوّ، وهو القرآن.

والآخر: غير متلوّ، وهو أقواله وأفعاله التي في أبواب التشريع.

ثم وجه التمثيل المذكور هو صدور ذلك القول عن ظن ظنه، ألا ترى أنه لمَّا قال في تأبير النخل: ما أظن ذلك يغني شيئًا، وبلغهم ذلك فتركوه، فلم تحمل نخلهم تلك السنة شيئًا، قال: إنما هو ظن ظننته والظن يخطىء ويصيب، ولكن ما قلت لكم: قال الله، فلن أكذب على الله. ولو كان ذلك القول من الله لحملت نخلهم تلك السنة بدون التأبير، فكذلك نهيه عن الاغتيال إنما كان ظنًّا منه لأجل خوفه على أولاد الحوامل، فلما علم من الله تعالى أن ذلك لا يضرهم، قال: لو ضرَّ أحدًا لضرَّ فارس والروم، فدلَّ ذلك أن ما كان من نهيه صار منسوخًا، وثبت أن وطء الرجل امرأته أو أمته حاملاً حلال لا يحرم عليه قط. والله أعلم.

ثم إنه أخرج حديث طلحة من أربع طرق:

الأول: إسناده صحيح، عن يزيد بن سنان القزاز، عن أبي عامر عبد الملك ابن عمرو العقدي، عن إسرائيل بن يونس، عن سماك بن حرب، عن موسى ابن طلحة، عن أبيه: طلحة بن عُبيد الله بن عثمان التيمي -أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، واحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإِسلام، واحد الخمسة الذين أسلموا على يدي أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله -عليه السلام- وهو عنهم راضٍ.


(١) سورة النجم، آية: [٣, ٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>