للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل اللام ها هنا للاستقبال كما في قولهم: لثلاث بقين من الشهر أي مستقبلاً لثلاث، وقال الزمخشري في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١) يعني مستقبلات لعدتهن، وإنما قلنا ذلك؛ لأن اللام قد تكون لحال ماضية ولحال مستقبلة، ألا ترى إلى قوله -علية السلام-: "صوموا لرؤيته" يعني صوموا لرؤية ماضية، وقال تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا} (٢)، يعني للآخرة، فاللام فيما نحن فيه للاستقبال كما ذكرنا، فإذا كان للاستقبال وليس في مقتضاه وجوده عقيب المذكور وإذا كان كذلك ووجدنا قوله -عليه السلام- لابن عمر فيه ذكر حيضة ماضية، الحيضة المستقبلة مفقودة، وإذْ لم تكن مذكورة وذلك في قوله: "مُره فليراجعها، ثم ليدعها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهير، ثم ليطلقها إن شاء فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" فاحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الحيضة الماضية، فيدل ذلك على أن العدة إنما هي الحيض.

وجائز أن يريد حيضة مستقبلة إذ هي معلوم كونها على مجرى العادة، فليس الطهر حينئذٍ بأولى بالاعتبار من الحيض؛ لأن الحيض في المستقبل وإن لم يكن مذكورًا فجائز أن يراد به؛ إذ كان معلومًا كما أنه لم يذكر طهرًا لعدة الطلاق وإنما ذكر طهرًا قبله، ولكن الطهر لما كان معلومًا وجوده بعد الطلاق إذا طلقها فيه على مجرى العادة، جاز عندك رجوع الكلام فيه، وإرادته باللفظ، ومع ذلك فجائز أن تحيض عقيب الطلاق بلا فصل، فليس إذًا في اللفظ دلالة على أن المعتبر في الاعتداد به هو الطهر دون الحيض. فافهم.

الرابع: عن صالح بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي شيخ البخاري وأبي داود، عن مالك ... إلى آخره.


(١) سورة الطلاق، آية: [١].
(٢) سورة الإسراء، آية: [١٩].

<<  <  ج: ص:  >  >>