الحظر، في غيره وهو كون إيقاع الثلاث في طهر واحد بدعة لمخالفته السُنَّة، فوقع الطلاق وأثم لذلك، فصار كالبيع وقت أذان الجمعة، والصلاة في الأرض المغصوبة.
والقياس على الوكالة فاسد؛ لأن الوكيل قائم مقام موكِّله فإن فعل كما أمر به لزم، وإن خالف لم يلزم للمخالفة.
قوله:"وإن كان فعله على خلاف ما أمر به" وذلك لأن المأمور به أن يطلقها للسُنَّة وهو الذي أذن الله فيه للعدة كما قال: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}(١) أي في قبل عدتهن كما ذكرنا.
ثم اختلفوا في طلاق السُنَّة، فقال أبو حنيفة وسفيان الثوري وسائر أهل الكوفة: من أراد أن يطلق امرأته للسُنَّة طلقها حين تطهر من حيضها قبل أن يجامعها طلقة واحدة، ثم يدعها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت طلقها أخرى، ثم يدعها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت طلقها ثالثةً، فبالثالثة حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره.
وقال مالك وأصحابه: طلاق السُنَّة أن يطلق طلقة في طهر لم يمسها فيه -ولو كان في آخر ساعة منه- ثم يمهلها حتول تنقضي عدتها وذلك بظهور أول الحيضة الثالثة في الحرة، أو الحيضة الثانية في الأَمة، فيتم للحرة ثلاثة أقراء وللأَمة قرآن، فإن طلقها في كل طهر تطليقة، أو طلقها ثلاثًا مجتمعات في طهر لم يمسها فيه؛ فقد لزم، وليس بمطلق للسُنَّة. وهو قول الأوزاعي وأبي عُبيد القاسم بن سلام.
وقال الشافعي وأحمد وداود: ليس في عدد الطلاق سُنَّة ولا بدعة، وإنما السُنَّة في وقت الطلاق، فإذا أراد أن يطلق امرأته للسُنَّة أمهلها حتى تحيض ثم تطهر، فإذا طهرت طلقها من قبل أن يجامعها كم شاء، إن شاء واحدة أو اثنتين أو ثلاثًا، أيّ ذلك فعل فهو مطلق للسُنَّة.