للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجمع العلماء أن طلاق السُنَّة إنما هو في المدخول بها، وأما غير المدخول بها فليس في طلاقها سُنَّة ولا بدعة؛ لأنه لا عدة عليهن.

وقال أشهب: لا يطلقها وإن كانت غير مدخول بها حائضًا.

وقال ابن القاسم: يطلقها متى شاء دان كانت حائضًا، وعليه الناس.

ولا خلاف بينهم في الحامل أن طلاقها للسنَّة من أول الحمل إلى آخره؛ لأن عدتها أن تضع ما في بطنها.

ص: وفي حديث ابن عباس ما لو اكتفينا به كان حجة قاطعة، وذلك أنه قال: "فلما كان زمن عمر -رضي الله عنه- قال: يا أيها الناس قد كان لكم في الطلاق أناة، وإنه من تعجل أناة الله في الطلاق ألزمناه إياها".

حدثنا بذلك ابن أبي عمران قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: أنا عبد الرزاق (ح).

وحدثنا عبد الحميد بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، مثل الذي ذكرناه في أول هذا الباب، غير أنهما لم يذكرا أبا الصهباء ولا سؤاله ابن عباس، وأنهما ذكرا مثل جواب ابن عباس الذي في ذلك الحديث، وذكرا من كلام عمر -رضي الله عنه- ما قد ذكرناه قبل هذا الحديث، فخاطب عمر بذلك الناس جميعًا وفيهم أصحاب رسول الله -عليه السلام- الذين قد علموا ما قد تقدم من ذلك في زمن رسول الله -عليه السلام- فلم ينكره عليه منهم منكر ولم يدفعه دافع، فكان ذلك أكبر الحجة في نسخ ما تقدم من ذلك؛ لأنه لمَّا كان نقل أصحاب رسول الله -عليه السلام- فعلاً تجب به الحجة، كان كذلك إجماعهم على القول إجماعًا تجب به الحجة، وكما كان إجماعهم على النقل بريء من الوهم والزلل، كان كذلك إجماعهم على الرأي بريء مِنَ الوهم والزلل، وقد رأينا أشياء قد كانت على عهد رسول الله -عليه السلام- على معاني؛ فجعلها أصحابه من بعده على خلاف تلك المعاني لِمَا رأوا منه مما قد خفي على من بعدهم، فكان ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>