للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حاتم: إن عملوا الغَريضَة -وهو ضرب من السويق- صرموا من الزرع ما يريدون حين يَسْتفرك، ثم يُسَهّمُونه -وتسهيمه أن يسخن على المِقْلى حتى يَيْبَس- وإن شاءوا جعلوا على المقلى النوذنج وهو أطيب لطعمه، وعاب رجلٌ السويقَ بحضرة أعرابي فقال: لا تعبه؛ فإنه عدة المسافر، وطعام العجلان، وغذاء المبكّر، وبلغة المريض، وهو يسر فؤاد الحزين، ويرد من نفس المحرور، وجيّد في التسمين، ومنعوت في الطب، وقفاره يحلق البلغم، ومَلتونه يصلي الدم، وإن شئت كان شرابا، وإن شئت كان طعاما، وإن شئت كان ثريدا، وإن شئت كان خبيصا (١).

والسويق يتخذ من الشعير أو القمح، يُدقّ فيكون شبه الدقيق، إذا احتيج إلى أكله خلط بماء أو لبن أو رُبَّ ونحوه.

وقال قوم: هو الكعك. قال السفاقسي: قال بعضهم كان ملتوتا بسمن، وقال الداودي: هو دقيق الشعير والسُلْت (المقلوّ) (٢).

ويّردّ على من قال: هو الكعك؛ قول ابن عمر: يا حبذا الكعك بلحم مَثرود وخُشْكُنَان (مع سويق) (٣) مقنود.

قوله: "فثُرِّيَ" من ثريت السويق: صبَبْت عليه ماء ثم لَتَتْتَّه، وفي "مجمع الغرائب": ثَرى تُثْرِي تَثْرِيَة: إذا بُلَّ التراب، ويقال: ثَرَّ المكان: أي رشَّشَهُ، وإنما بَلَّ السويق لما كان لحقه من اليُبْس والقدم.

ويستنبط منه أحكام:

- إباحة الزاد في السفر خلافا لمن يمنع ذلك.

- وألَّا وضوء مما مست النار.

- ونظر الإِمام لأهل العسكر عند قلة الأزواد وجمعها؛ ليقوت من لا زاد له.


(١) انظر "لسان العرب" (مادة: غرض) و"عمدة القاري" (٣/ ١٠٣).
(٢) المَقْل: الغمس، انظر "لسان العرب" (مادة: مقل).
(٣) كذا في "الأصل، ك"، وفي "لسان العرب" (مادة: كعك): بسويق.

<<  <  ج: ص:  >  >>