القرء فإن العلماء متفقون أنه يحتمل الأطهار ويحتمل الحيض وأنه غير منتظم لهما، بل إذا حملناه على الحيض لدليل في اللفظ؛ وهو أن المرأة لا تسمى ذات القروء إلا باعتبار الحيض ينفي كون الأطهار مرادًا وإذا حمله الخصم على الأطهار لدليل في اللفظ وهو الإجماع، أخرج الحيض أن يكون مرادًا باللفظ، وقيل: لفظ القرء حقيقة في الحيض مجاز في الطهر.
والمقصود: هذا باب قد اختلف فيه السلف والخلف من اللغويين والفقهاء، وسيجيء بيانه مستقصى إن شاء الله تعالى.
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: اختلف الناس في الأقراء التي تجب على المرأة إذا طلقت، فقال قوم: هي الحيض، وقال آخرون: هي الأطهار.
ش: أراد بالقوم هؤلاء: الضحاك والأوزاعي والثوري وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وزفر وأحمد -في الصحيح- وسائر الكوفيين وأكثر العراقيين؛ فإنهم قالوا: الأقراء: الحيض.
قال أبو عمر: هو المروي عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وابن عباس وجماعة من التابعين بالحجاز والعراق والشام، وقولهم كلهم: إن المطلقة لا تحل للأزواج حتى تغتسل من الحيضة الثالثة، قال: وهو الذي استقر عليه أحمد بن حنبل فيما ذكر عمر بن الحسن الخرقي عنه في "مختصره".
قوله:"وقال أخرون" أي جماعة آخرون: "الأقراء هي الأطهار"، وأراد بهم: القاسم وسالمًا وأبان بن عثمان وأبا بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وربيعة ويحيى بن سعيد والزهري ومالكًا والشافعي وأحمد في رواية وداود وأبا ثور وأبا سليمان.