للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص: وفي ذلك أيضًا حجة أخرى: أن عمر -رضي الله عنه- هو الذي خاطبه رسول الله -عليه السلام- بقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء" ولم يكن ذلك عنده دليلاً على أن الأقراء: الأطهار؛ إذ قد جعل الأقراء الحيض فيما روي عنه، فإذا كان هذا عند [عمر] (١)، وقد خاطبه رسول الله -عليه السلام- به لا دليل فيه على أن القرء الطهر كان من بعده أيضًا فيه كذلك، وسنذكر ما روي عن عمر في هذا في موضعه من هذا الباب إن شاء الله تعالى.

ش: أي: وفي كون الأقراء الحيض برهان آخر: وهو أن النبي -عليه السلام- قد خاطب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بقوله: "فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء"، وقد جعل عمر الأقراء الحيض؛ لأنه لم يقم عنده دليل على أن الأقراء الأطهار، فإذا لم يقم عند عمر -رضي الله عنه- دليل على أن القرء هو الطهر، كان مَنْ بعده أيضًا كذلك، بل بالأولى؛ لأن مثل عمر إذا لم يبلغ له إطلاق القرء على الطهر في الحديث الذي خاطبه رسول الله؛ فغيره بالطريق الأولى، فافهم.

ص: وكان مما احتج به الذين جعلوا الأقراء الأطهار أيضًا: ما حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها-: "أنها نقلت حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر -رضي الله عنهم- حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة، قال ابن شهاب: فذكرت ذلك لعمرة، فقالت: صدق عروة، قد جادلها في ذلك أناس، وقالوا: إن الله يقول: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٢) فقالت عائشة: صدقتم، أتدرون ما الأقراء؟ إنما الأقراء الأطهار".

حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، قال: قال ابن شهاب: سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: "ما أدركت أحدًا من فقهائنا إلا وهو يقول هذا- يريد الذي قالت عائشة -رضي الله عنها-".


(١) في "الأصل": ابن عمر. وهو خطأ أو سبق قلم، والمثبت من "شرح معاني الآثار".
(٢) سورة البقرة، آية: [٢٢٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>