وأخرجه البيهقي (١) بأتم منه من حديث مالك عن نافع، وزيد بن أسلم عن سليمان بن يسار:"أن الأحوص هلك بالشام حين دخلت امرأته في الدم من الحيضة الثالثة، وكان قد طلقها، فكتب معاوية إلى زيد بن ثابت يسأله، فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبريء منها، ولا ترثه ولا يرثها".
قوله:"قالوا: فهذه أقاويل أصحاب رسول الله -عليه السلام-" أي قال الذين جعلوا الأقراء أطهارًا: هذه أقاويل الصحابة، تدل على ما ذكرناه من أن الأقراء هي الأطهار لا الحيض.
ص: قيل لهم: هذا لو لم يختلف أصحاب رسول الله -عليه السلام- في ذلك، فأما إذا اختلفوا فيه، فقال بعضهم ما ذكرتم، وقال أخرون بخلاف ذلك لم تجب بما ذكرتم لكم حجة، فمها روي خلاف ما احتجوا به من الآثار المذكورة عمن رويت عنه من أصحاب رسول الله -عليه السلام- الدَّالة على أن الأقراء غير الأطهار: ما حدثنا يونس، قال: أنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "زوجها أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة".
حدثنا علي بن شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: ثنا سفيان بن سعيد، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة:"أن رجلاً طلق امرأته فحاضت حيضتين، فلما كانت الثالثة ودخلت المغتسل، أتاها زوجها فقال: قد راجعتك -ثلاثًا- فارتفعا إلى عمر -رضي الله عنه-، فأجمع عمر وعبد الله على أنه أحق بها ما لم تحل لها الصلاة، فردَّها عمر عليه".
حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، أن مالكًا أخبره، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول:"إذا طلق العبد امرأته ثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، حرةً كانت أو أَمةً، وعدَّة الحرة ثلاث حيض، وعدة الأمة الحيضتان".