للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد روى عن رسول الله -عليه السلام- خلاف ما روت فخرج المعنى الذي منه أنكر عليها عمر ما أنكر؛ خروجًا صحيحًا؛ وبطل حديث فاطمة، فلم يجب العمل به أصلاً لما ذكرنا وبيَّنا.

ش: هذا جواب عن الإيراد والمعارضة المذكورين، تقريره: أن الله تعالى قال: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (٢) بعد قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١)، وأجمعوا أن المراد من ذلك الأمر هو المراجعة، والمعنى أنه يحدث له ندم فلا ينفعه؛ لأنه قد طلق ثلاثًا، وفي غير الثلاث يبدو له فيراجعها، ثم قال: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} (١) وهو يشتمل البائن والرجعي؛ لأن قوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (١) قد تضمن البائن، ثم قال: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} (٢) وجب ذلك للجميع من البائن والرجعي، ثم قال: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (٢) فيه نهي للزوج عن إخراجها، ونهي لها عن الخروج، وفيه دليل على وجوب السكنى لها ما دامت في العدة؛ لأن بيوتهن التي نهى الله عن إخراجهن منها هي البيوت التي كانت تسكنها قبل الطلاق، فأمر بتبقيتها في بيتها ونسبها إليها بالسكنى كما قال: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} وإنما كانت البيوت للنبي -عليه السلام-، ولهذه الآية قال أصحابنا: لا يجوز له أن يسافر بها حتى يشُهد على رجعتها، ومنعوها من السفر في العدة، ثم إن الله تعالى لم يفرق في ذلك بين المطلقة التي لا رجعة عليها وبين المطلقة التي عليها الرجعة، وقد تضمنت الآية الدلالة على وجوب نفقة المبتوتة من ثلاثة أوجه:

أحدها: السكنى لما كانت حقًّا في مال قد أوجبها الله بنص الكتاب، إذ كانت الآية قد تناولت المبتوتة والرجعية، فقد اقتضى ذلك وجوب النفقة إذ كانت السكنى حقًّا في مال وهي بعض النفقة.


(١) سورة الطلاق، آية: [٦].
(٢) سورة الأحزاب، آية: [٣٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>