للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش: أراد من المخالف هذا هو الشافعي؛ لأنه أشار به إلى القائل في قوله: "فقال قائل" وكان المراد من هذا القائل هو الشافعي.

وتحقيق هذا الكلام أن الشافعي أجاب في كتبه حين اعترض عليه بأن استدلالك بحديث فاطمة بنت قيس على ما ذهبت إليه من وجوب السكنى دون النفقة للمبتوتة؛ ليس بحجة لك وإنما هو حجة عليك؛ لأن فيه عدم وجوب السكنى والنفقة جميعًا، وأنت أوجبت السكن دون النفقة، وفيه عدم النفقة للمبتوتة مطلقًا وأنت قلت: إذا كانت حاملًا فلها النفقة بجوابين:

أحدهما: بطريق المنع، وهو قوله: لم يجئ تخليط حديث فاطمة إلا مما رواه الشعبي، وقد ردَّه الطحاوي كما ذكرناه.

والآخر: بطريق التسليم، وهو أنه قال: ولئن سلَّمنا أن أصل الحديث مثل ما رواه الشعبي فهو أيضًا موأفق لمذهبنا؛ لأن معنى قوله: "لا نفقة لك" إلى آخره. فهذا جواب بعد التسليم بهذا التأويل الذي ذكره، وهو ظاهر.

وقوله: "بذية" أي في لسانها فحش، يقال فلان بذئ اللسان إذا كان في قوله فحش، والبذاء -بفتح الباء وبالمد- مصدر، من قولك: بذوت على القوم وأبذيت بذاءً.

وقال الشافعي: والبذاء هو الفاحشة التي قال الله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (١) واستدل على ذلك بما روي عن ابن عباس: "الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم" رواه الشافعي في كتبه (٢).

وأخرجه الطحاوي عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، عن سليمان بن بلال القرشي المدني، عن عمرو بن أبي عمرو ميسرة المخزومي المدني مولى المطلب، عن عكرمة مولى ابن عباس، عن ابن عباس.


(١) سورة الطلاق، آية: [١].
(٢) "الأم" (٥/ ١٥٣، ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>