على ذلك إلا أن مالكًا وإن كان لم يرو ذلك إلا عن عبد الله عن أبي سلمة إلا كما أشرنا إليه وكما ذكرناه عنه، فإن الليث قد رواه عنه عن عبد الله عن أبي سلمة كما رواه الشعبي عن فاطمة سواء، ووافقه على ذلك يحيى بن أبي كثير مع جلالته وعلمه وفضل حفظه وإتقانه وعلو مرتبته، حتى لقد قال أيوب السختياني فيه ما حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المنقري، قال: ثنا وهيب بن خالد، قال: سمعت أيوب السختياني فيه يقول: "ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى بن أبي كثير" فقدمه على الناس جميعًا.
ووافق يحيى على ذلك الحارث بن عبد الرحمن خال: ابن أبي ذئب -وهو رجل من أهل العلم صحيح الرواية- فروى عن أم سلمة عن فاطمة عن رسول الله -عليه السلام- في هذا الباب مثل الذي رواه الشعبي، عن فاطمة، عن رسول الله -عليه السلام- فيه.
قوله:"وليس كما توهم". أي هذا القائل، والباقي ظاهر.
ص: وكان من قول هذا المخالف أيضًا أن قال: ولو كان أصل حديث فاطمة كما رواه الشعبي لكان موافقًا لمذهبنا أيضًا؛ لأن معنى قوله:"لا نفقة لك" لأنك غير حامل، "ولا سكنى لك" لأنك بذية، والبذاء هو الفاحشة التي قال الله:{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}(١) وذكر في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس:"أنه سئل عن قوله: {وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}(١) فقال: الفاحشة المبينة أن تفحش على أهل الرجل وتؤذيهم".
قال: ففاطمة حرمت السكنى ببذائها، والنفقة لأنها غير حامل. قال: وهذا حجة لنا في قولنا: إن المبتوتة لا تجب لها النفقة إلا أن تكون حاملاً.