عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة، عن فاطمة، بمثل ما رواه الشعبي عنها، فما جاء عن الشعبي في هذا تخليط، وإنما جاء التخليط ممن روى عن أبي سلمة عن فاطمة فحذف بعض ما فيه وجاء ببعض، فأما أصل الحديث فكما رواه الشعبيي -رحمه الله-.
ش: أراد بهذا القائل الشافعي: فإن عنده المبتوتة لها السكنى وليست لها النفقة إلا إذا كانت حاملاً، فلأجل هذا قال: لم يجئ تخليط حديث فاطمة بنت قيس من رواية الشعبي؛ انما قال كذلك لأن رواية الشعبي عن فاطمة تخبر بأن المبتوتة ليس لها السكنى ولا النفقة فهي في الظاهر حجة عليه لكونه يرى لها السكنى دون النفقة، ويرى لها النفقة أيضًا إذا كانت حاملاً، وقد سرد الطحاوي هذا الكلام مفسرًا في كتابه "الأحكام" حيث قال: وذكر الشافعي فيما ذكره لنا الربيع عنه هذا، وأن معنى حديث فاطمة الذي ذكرنا يرجع إلى المعنى الذي كان يذهب إليه في المطلقات المبتوتات غير الحوامل؛ لا نفقة لهن في عددهن على من طلقهن، وأن لهن السكنى عليهم إلى انقضاء عددهن، وقال: قول رسول الله -عليه السلام- لفاطمة في حديثها الذي ذكرناه يعني حديث مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي سلمة، عن فاطمة:"لا نفقة لك" أي لأنك غير حامل، وانتقلي إلى بيت ابن أم مكتوم لبذائك الذي صرت به من أهل الفاحشة التي أباح الله -عز وجل- بها إخراج المطلقات اللاتي تكون منهن، فقال: وإنما جاء تخليط هذا الحديث عن فاطمة غير ما رواه عنها الشعبي، لأنه روى عنها أن رسول الله -عليه السلام- قال:"لا نفقة لك ولا سكنى"، وأما ما روى عنها الحجازيون فموافق لقولنا وغير خارج عن مذهبنا الذي ذكرناه، يعني أن لها السكنى دون النفقة.
قال الطحاوي: ولم يكن القول في ذلك كما ذكر، ولا كان أصل حديث فاطمة إلا كما رواه الشعبي عنها؛ لإتقانه وضبطه ولفضل حفظه، ولتقدمه في العلم وعلو مرتبته فيه، ولأنه قد وافقه على ذلك غير واحد من أهل الحجاز منهم: عبد الله بن عبد الله وقبيصة ومحمد بن عبد الرحمن وأبو سلمة فقد وافقه