فلما اتفق الجميع على أن الحمل لو كان له مال كانت نفقة أمه على الزوج لا في مال الحمل؛ دل على أن وجوب النفقة متعلق بكونها محبوسة في بيته؛ فإذا كانت العلة ذلك ثبت أن كل معتدة من طلاق لها النفقة مثل ما للمعتدة من الطلاق إذا كانت حاملاً؛ قياسًا ونظرًا.
وأيضًا كان يجب أن يكون في الطلاق الرجعي نفقة الحامل في مال الحمل إذا كان له مال كما أن نفقته بعد الولادة في ماله، فلما اتفق الجميع على أن نفقتها في الطلاق الرجعي لم تجب في مال الحمل وجب مثله في البائن.
فإن قيل: إذا كان الأمر كذلك فما فائدة تخصيص الحامل بالذكر في إيجاب النفقة؟
قلت: لأن مدة الحمل قد تطول وقد تقصر فأراد بذلك إعلامنا وجوب النفقة.
فإن قيل: ما حكم المتوفى عنها زوجها في هذا الباب؟
قلت: لا يخلو إما أن تكون حاملاً أو لم تكن، فإن لم تكن فاتفق العلماء كلهم على أن لا نفقة لها ولا سكنى، وإن كانت حاملاً ففيه اختلاف بين الصحابة ومَنْ بعدهم؛ فقال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وشريح وأبو العالية والشعبي وإبراهيم: نفقتها في جميع المال.
وقال ابن عباس وعبد الله بن الزبير والحسن البصري وسعيد بن المسيب: لا نفقة لها في مال الزوج بل هي على نفسها.
واختلف فقهاء الأمصار أيضًا، فقال أبو حنيفة، وأبو يوسف ومحمد وزفر: لا سكنى لها ولا نفقة لها في مال الميت، وإن كانت حاملاً فلها السكنى إن كانت الدار للزوج، وإن كان عليه دين فالمرأة أحق بنفسها حتى تنقضي عدتها، وإن كانت في بيت بكرى فأخرجوها لم يكن لها سكنى في مال الزوج.
هذه رواية ابن وهب أيضًا، وقال ابن القاسم عن مالك: لا نفقة لها في مال الزوج الميت ولها السكنى إن كانت الدار للميت، وان كان على الميت دين فهي أحق بالسكنى من الغرماء، وتباع للغرماء بشرط السكنى على المشترى.