الثامن: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن عمرو بن خالد بن فروخ الحراني نزيل مصر وشيخ البخاري، عن زهير بن معاوية بن حديج، أحد الأئمة الحنفية الكبار، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة -أو إسحاق بن سعد بن كعب بن عجرة، وشك فيه زهير.
وكذا أخرجه الطبراني (١): عن الفضل بن حباب، عن أبي الوليد الطيالسي، عن شعبة، حدثني سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة -أو إسحاق بن سعد شك شعبة- أنه سمع عمته زينب تحدث عن فريعة:"أنها كانت مع زوجها في قرية من قرى المدينة، وأنه أتبع أعلاجًا فقتلوه، فأتت رسول الله -عليه السلام- فذكرت له الوحشة، وذكرت أنها استأذنته أن تأتي إخوتها بالمدينة فأذن لها، ثم دعاها فقال: امكثي في بيتك الذي جاءك فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله".
ص: فمنع رسول الله -عليه السلام- الفريعة عن الانتقال من منزلها في عدتها، وجعل ذلك من إحدادها، وقد ذكرنا في حديث أسماء أن النبي -عليه السلام- قال لها:"تسلبي ثلاثًا ثم اصنعي ما شئت" حين توفي زوجها وهو جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه-؛ ففي ذلك أنه ليس عليها أن تحد أكثر من ثلاث. وكلُّ قد أجمع أن ذلك منسوخ؛ لزكهم ذلك واستعمالهم حديث زينب بنت جحش وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة، وما ذكرنا مع ذلك مما يوجب الإحداد في العدة كلها، وكل ما ذكرنا في الإحداد.
وإنما قصد بذكره المتوفى عنها زوجها فاحتمل أن يكون ذلك للعدة التي تجب بعقد النكاح، فتكون كذلك المطلقة، عليها في ذلك من الإحداد في عدتها مثل ما على المتوفى عنها زوجها.