فنظرنا في ذلك إذ كانوا قد تنازعوا في ذلك واختلفوا، فقال قائلون: لا يجب على المطلقة في عدتها إحدادٌ. وقال آخرون: بل الإحداد عليها في عدتها كما هو على المتوفى عنها زوجها.
فرأينا المطلقة في عدتها منهية عن الانتقال من منزلها في عدتها كما نهيت المتوفى عنها زوجها، وذلك حق عليها ليس لها ترك ذلك كما ليس لها ترك العدة.
فلما ساوت المتوفى عنها زوجها في وجوب بعض الإحداد عليها ساوتها في وجوب كليته عليها.
فثبت بما ذكرنا وجوب الإحداد على المطلقة في عدتها.
ش: هذا كلام ظاهر، وقد حققناه في أول الباب.
قوله:"وجعل ذلك" أي عدم انتقالها من منزلها.
قوله:"وكلٌّ قد أجمع" أي الأخصام كلهم مجمعون "أن ذلك منسوخ".
قوله:"إذ كانوا قد تنازعوا" أي حين كانوا قد تنازعوا.
قوله:"فقال قائلون" وهم: عطاء بن أبي رباح وربيعة ومالك والشافعي والليث ابن سعد وابن المنذر وأهل الظاهر.
قوله:"وقال آخرون" أي جماعة آخرون، وهم: سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن سيرين والحكم بن عتيبة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأبو عبيد وأبو ثور، والشافعي في قول.
وقد استوفينا ذكر ذلك فيما مضى.
ص: وقد قال بذلك جماعة من المتقدمين:
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا أبو الزبير، قال "سألت جابرًا: أتعتد المطلقة والمتوفى عنها زوجها أم تخرجان؟ فقال: لا، فقلت: أتتربصان حيث أرادتا؟ فقال جابر: لا".