حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا عبد الله بن محمد الفهمي، قال: أنا ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر -رضي الله عنه-: "أنه قال في المطلقة: أنها لا تعتكف، ولا المتوفى عنها، ولا تخرجان من بيوتهما حتى توفيا أجلهما".
فهذا جابر بن عبد الله قد روى عن النبي -عليه السلام- في إذنه لخالته في الخروج في جداد نخلها في عدتها، مما قد ذكرناه فيما قد تقدم من هذا الكتاب.
ثم قال هو بخلاف ذلك؛ فهذا دليل على ثبوت نسخ ذلك عنده.
وفي حديث جابر أيضًا الذي ذكرناه عنه من قوله؛ تسويته بين المطلقة والمتوفى عنها في ذلك؛ فلما كانتا في عدتهما سواء في بعض الأحداد، كذلك في كل الإحداد، وقد كان قبل ذلك في بعض العدة على ما ذكرنا في حديث أسماء، ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في كل العدة، فيحتمل أن يكون ما أمرت به خالة جابر -رضي الله عنه- كان والإحداد إنما هو في الثلاثة الأيام من العدة، ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في كل العدة.
ش: أي وقد قال بوجوب الإحداد على المطلقة كالمتوفى عنها زوجها، وبعدم جواز انتقال المتوفى عنها زوجها من بيتها، جماعة من المتقدمين منهم: جابر بن عبد الله -رضي الله عنها- فإنه قد سوَّى بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها في عدم جواز خروجهما من بيتهما، فكانتا في عدتهما سواء في بعض الإحداد، وهو النهي عن الخروج من البيت، فكذلك كانتا سواء في كل الإحداد، فوجب على المطلقة الإحداد كما وجب على المتوفى عنها زوجها، وقد ذكر فيما مضى أن الإحداد كان في بعض العدة وهو ثلاثة أيام كما صرَّح بذلك في حديث أسماء بنت عميس ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في كل العدة.
فإذا كان كذلك يحتمل أن ما أمرت به خالة جابر من خروجها إلى جداد نخلها إنما كان حين كان وجوب الإحداد في ثلاثة أيام من العدة ثم نسخ ذلك وجعل الإحداد في جميع العدة، وقد حققنا هذا فيما مضى مستقصًى.