فعلى هذا يأتي أنها ليست في ليلة معينة أبدًا وأنها تنتقل في الأعوام، فمن ذلك قيل: في رمضان كله، وقيل: في العشر الأواخر منه، وبحسب هذا ما اختلف العلماء في ذلك كما ذكرنا فيما مضى.
قوله:"فأردنا أن نعلم ... " إلى آخره. إشارة إلى إيضاح ما ذكره من وجه التوفيق، بيانه: أنه لما قال: إن رواية ابن عمر من أمره -عليه السلام- بالتماسها فيما قبله من العشر الأواخر. ولا دل هذا أيضًا أنها في السبع الأواخر دون سائر الشهر، ولكن يجوز أن يكون أمره -عليه السلام- بالتماسها في السبع الأواخر بعد أمره بالتماسها في العشر الأواخر كما في حديث أبي ذر -رضي الله عنه-؛ فإنه أمر فيه أولاً بالتماسها في العشر الأواخر، ثم قال:"التمسوها في السبع الأواخر" واقتصر على هذا حتى قال لأبي ذر: "لا تسألني عن شيء بعدها" وكان قد غضب عليه كما ذكرنا فيما مضى، فعلى هذا يكون التحري في السبع الأواخر دون ما سواها من الشهر، ولكن هذا تحرٍّ لا حقيقة معه، فنظرنا في ذلك فوجدنا رواية عقبة بن حريث التغلبي الكوفي -من رجال الصحيح- عن ابن عمر، دلت على أنها قد تكون في السبع الأواخر أحرى وأولى، أن تكون فيما قبله في العشر الأواخر.
ورجال حديثه كلهم ثقات.
وأخرجه مسلم (١): ثنا محمد بن مثنى، قال: أنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن عقبة -وهو ابن حريث- قال: سمعت ابن عمر يقول: قال رسول الله -عليه السلام-: "التمسوها في العشر الأواخر -يعني ليلة القدر- فإن ضعف أحدكم أو عجز، فلا يُغْلَبن على السبع البواقي".
قوله:"فلا يُغْلَبن" على صيغة المجهول المؤكد بالنون الثقيلة.
قوله:"وأما ما ذكرناه عن عبد الله بن أنيس ... " إلى آخره. بيان وجه التنصيص على ثلاث وعشرين، ووجه توفيقه مع غيره من الروايات على ما تقدم.