للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنها ليلة الصهباوات، فوصفها عبد الله بما وصفها به في ضوء القمر عند طلوع الفجر؛ وذلك لا يكون إلا في آخر الشهر، فقد دل أيضًا على ما قال أُبَيّ.

وفي كتاب الله -عز وجل- ما يدل أن ليلة القدر في شهر رمضان خاصةً، قال الله -عز وجل-: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (٣) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (١)، فأخبر الله -عز وجل- أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم هي ليلة القدر، وهي الليلة التي أنزل فيها القرآن، ثم قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} (٢)، فثبت بذلك أن تلك الليلة في شهر رمضان، واحتجنا إلى أن نعلم أي ليلة هي من لياليه، فكان الذي يدل على ذلك ما قد رويناه عن بلال عن النبي -عليه السلام-: "أنها ليلة أربع وعشرين"، والذي روي عن أبي بن كعب، عن النبي -عليه السلام-: أنها ليلة سبع وعشرين".

ش: أي: وقد روي عن عبد الله بن مسعود أيضًا، ما يدل على أن ليلة القدر في شهر رمضان خاصة، وأشار بهذا الكلام إلى آخره إلى رد ما روي عن عبد الله أيضًا: "أن ليلة القدر في كل الحول" كما ذهبت إليه طائفة؛ وذلك لأن حديثه هذا الذي فيه ذكر ليلة الصهباوات يدل على أنها في شهر رمضان خاصة، موافقًا لما قال أبي بن كعب من أنها في رمضان، وحلف على ذلك كما مَرَّ ذكره.

وفي كتاب الله تعالى أيضًا ما يدل على ذلك؛ لأن الله تعالى قال في كتابه العزيز: {حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} (١) أي القرآن دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا {فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} (٣)، ثم وصف هذه الليلة بقوله: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (٤) من أرزاق العباد وآجالهم وجميع أمرهم منها إلى الأخرى القابلة، والمعنى: كل أمر: أي شأن ذي حكمة، ثم أخبر الله تعالى أن


(١) سورة الدخان، آية: [١ - ٣].
(٢) سورة البقرة، آية: [١٨٥].
(٣) سورة الدخان، آية: [٣].
(٤) سورة الدخان، آية: [٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>