للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي بكرة، فقال: ما أنا بملتمسها لشيء سمعته من رسول الله -عليه السلام- إلا في العشر الأواخر، وإنني سمعته يقول: التمسوها في تسع تبقين أو في خمس تبقين أو في ثلاث تبقين أو آخر ليلة".

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

وأما حديث جابر بن سمرة فأخرجه ابن أبي شيبة (١): ثنا عمرو بن طلحة، عن أسباط بن نصر، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله -عليه السلام-: "اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".

ص: وإنما احتجنا إلى ذكر ما روي في ليلة القدر لما قد اختلف فيه أصحابنا من قول الرجل لامرأته: أنت طالق ليلة القدر، متى يقع الطلاق؟

قال أبو حنيفة: إن قال لها ذلك قبل شهر رمضان لم يقع الطلاق حتى يمضي شهر رمضان كله لما قد اختلف في موضع ليلة القدر من ليالي شهر رمضان، على ما قد ذكرنا في هذا الباب، مما روي أنها في الشهر كله ومما روي أنها في خاصٍّ منه، قال: فلا أحكم بوقوع الطلاق إلا بعد مضي الشهر كله؛ لأني أعلم بذلك أنه قد مضى الوقت الذي أوقع الطلاق فيه، وأن الطلاق قد وقع.

قال: وإن قال ذلك لها في شهر رمضان في أوله أو في آخره أو في وسطه لم يقع الطلاق حتى يمضي ما بقي من ذلك الشهر، وحتى يمضي شهر رمضان أيضًا كله من السنة القابلة.

قال: لأنه قد يجوز أن تكون فيما مضى من هذا الشهر الذي هو فيه، فلا يقع الطلاق حتى يمضي شهر رمضان كله من السنة الجائية، وقد يجوز أن تكون فيما بقي من ذلك الشهر الذي هو فيه فيقع الطلاق فيها، وبكون كمن قال قبل شهر رمضان لامرأته: أنت طالق ليلة القدر، فيكون الطلاق لا يحكم به عليه إلا بعد مضي شهر رمضان، قال: فلما أشكل ذلكم، لم أحكم بوقوع الطلاق إلا بعد علمي بوقوعه،


(١) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ٢٥٠ رقم ٨٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>