قوله:"لي" أي لأجلي، وذلك لأنه لم يتجاوز ذلك إلا عن هذه الأمة؛ لأجل سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قوله:"الخطأ والنسيان" منصوبان بقوله: "تجاوز" وفيه حذف، أي: تجاوز حكمهما لأن عينهما لم ترفع، ثم الخطأ في اللغة هو ضد العمد، والنسيان ضد الذكر والحفظ، وفي الاصطلاح: الخطأ هو الفعل من غير قصد تام، والنسيان معنى يزول به العلم في الشيء مع كونه ذاكرًا لأمور كثيرة، وإنما قيل ذلك احترازًا عن النوم والجنون والإغماء.
وقيل: النسيان عبارة عن معنىً يعتري الإنسان بدون اختياره، فيوجب الغفلة عن الحفظ.
وقيل: النسيان عبارة عن الجهل الطارئ، ويقال: المأتي به إن كان على جهة ما ينبغي فهو الصواب، وإن كان لا على ما ينبغي نُظر، فإن كان مع قصد من الآتي به يسمى الغلط، وإن كان من غير قصد منه فإن كان يَتَنَبَّه بأيسر تنبيه يسمى السهو وإلا يسمى الخطأ.
قوله:"وما استكرهوا عليه" عطف على ما قبله في محل النصب وهو على صيغة المجهول من الاستكراه، والإكراه حمل الغير على أمرٍ لا يريد مباشرته.
ويستفاد منه أحكام:
الأول: حكم الخطأ مرفوع، لكن في حق الله تعالى لا في حقوق العباد؛ لأن في حقه عذرًا صالحًا لسقوطه، حتى قيل: إن الخاطئ لا يأثم ولا يؤاخذ بحدٍّ ولا قصاص، وأما في حقوق العباد فلم يجعل عذرًا، حتى وجب ضمان العدوان على الخاطئ لأنه ضمان مال لا جزاء فعل، ووجبت به الدية وصح طلاقه عندنا، وقال الشافعي: لا يصح؛ لعدم الاختيار منه فصار كالنائم والمغمى عليه.
قلنا: الاختيار أمر باطن لا يوقف عليه إلا بحرج، فلا يصح تعليق الحكم عليه.
الثاني: أن حكم النسيان مرفوع، ولكنه لا ينافي الوجوب، ولا يصلح عذرًا في سقوط شيء من الواجبات؛ لأنه لا يزول به العقل فلا يخل بالأهلية، لكنه لما كان