والثاني: وهو ظاهر قول مالك في "الموطأ": أنها تقع بالتعان الزوج، وهو رواية أصبغ.
والثالث: قول سحنون أنه يتم بلعان الزوج مع سكوت المرأة.
والرابع: قول ابن القاسم يتم بلعان الزوج إن التعنت فحاصل مذهب مالك: أنها تقع بينهما بغير حكم حاكم ولا تطليق. وبه قال الليث والأوزاعي وأبو عبيد وزفر بن الهذيل، وعند الشافعي: تقع الفرقة بالتعان الزوج.
واتفق أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والليث والشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور؛ أن اللعان حكمه وسنته الفرقة بين المتلاعنين إما باللعان وإما بتفريق الحاكم على ما ذكرنا من مذاهبهم، وهو مذهب أهل المدينة ومكة والكوفة والشام ومصر.
وقال عثمان البتي وطائفة من أهل البصرة: إذا تلاعنا لم ينقص اللعان شيئًا من العصمة حتى يطلق الزوج.
قال: وأحب إليَّ أن يطلق.
قال الإشبيلي في "شرح الموطأ": هذا قول لم يتقدمه أحدٌ إليه.
قلت: حكى ابن جرير هذا القول أيضًا عن أبي الشعثاء جابر بن زيد.
ثم اختلفوا: هل الفرقة بين المتلاعنين فسخ أو تطليقة؛ فعند أبي حنيفة ومحمد وعبيد الله بن الحسن وإبراهيم النخعي وسعيد بن المسيب: هي طلقة واحدة. وقال مالك: هي فسخ.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يلاعن يحمل لأنه قد يجوز أن لا يكون حملاً، لأن ما يظهر من المرأة مما يُتَوَهَّم به أنها حامل ليس يعلم أنه حمل على حقيقة، إنما هو توهم، فنفي المتوهم لا يوجب اللعان.