أحدثتم بيوعًا لا أدري ما هي، وإن الذهب بالذهب وزنًا بوزن تِبْرُهُ وعينه، والفضة بالفضة وزنًا بوزنٍ تِبْرُها وعينها، ولا بأس ببيع الذهب بالفضة، والفضة أكثرهما، يدًا بيدٍ، ولا يصلح نَسَاءً، والبُرُّ بالبرِّ مُدًّا بمدًّ يدًا بيد، والشعير بالشعير مدَّا بمدٍّ يدًا بيدٍ، ولا بأس ببيع الشعير بالبر والشعير أكثرهما يدًا بيدٍ، ولا يصلح نسيئة، والتمر بالتمر، حتى عدَّ الملح مثلا بمثل، من زاد أو استزاد فقد أربى".
فهذا عبادة بن الصامت قد خالف معمر بن عبد الله فيما ذهب إليه، على ما ذكرنا عنه في الحديث الأول.
ش: أي وكان من الدليل والبرهان للآخرين على أهل المقالة الأولى، وأراد بها الجواب عما احتجوا به من حديث معمر بن عبد الله، تقرير ذلك: أن حديث معمر لا يتم به الاستدلال ولا يصح؛ لأنه يجوز أن يكون النبي -عليه السلام- أراد بقوله: "الطعام بالطعام مثلا بمثل"، الطعام الذي كان طعامهم يومئذ، فيكون المراد الشعير لأن طعامهم يومئذ كان الشعير، فيكون المعنى: الشعير بالشعير مثلا بمثل، فلا يكون حينئذ في الحديث تعرض إلى بيع الحنطة بالشعير من النبي -عليه السلام-، وإنما المذكور فيه من ذلك فمن معمر من رأيه وتأويله ما كان سمع من النبي -عليه السلام- فإذا كان كذلك لا يكون الاستدلال به على عدم جواز بيع الحنطة بالشعير متفاضلًا غير صحيح، وقال ابن حزم: وأما حديث معمر فهو حجة عليهم لأنهم يسمون التمر طعامًا ويبيحون فيه التفاضل بالبر، فقد خالفوا الحديث على تأويلهم بإقرارهم، ولا حجة لهم أصلاً فيه؛ لأنه ليس فيه إلا الطعام بالطعام مثلا بمثل، وهذا ما لا نخالفهم فيه، ولا في جوازه، ليس فيه أن الطعام لا يجوز بالطعام إلا مثلا بمثل، هذا مسكوت عنه جملة في خبر معمر، ومنصوص على جوازه في خبر أبي هريرة وعبادة بن الصامت عن رسول الله -عليه السلام-، فبطل تعلقهم به جملة، وعاد حجة عليهم، وأما قول معمر من رأيه فلا