للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: روى أبو هريرة عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "لا وضوء إلَّا من صوت أو ريح" (١) فدلّ أنه لا وضوء في القهقهة.

قلت: ظاهر هذا الحديث متروك بالإجماع؛ لأنه في البول والغائط يجب الوضوء وإن لم يوجد الصوت أو الريح، وكذا في الدم والقيح إذا خرجا من المخرج المعتاد، ولا سيما على مذهب الشافعي فإن عنده يجب الوضوء من مس الذكر ومس المرأة فلا صوت ثمة ولا ريح، فلما لم يدل هذا الحديث على نفي الوضوء في هذه الصور، فكذا لا يدل على نفيه في القهقهة أيضًا.

قوله: "في زُبْية" بضم الزاي المعجمة وسكون الباء الموحدة وفتح الياء آخر الحروف: حفرة محفورة، وفي الأصل حفرة يحفرونها للأسد.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لا يجب الوضوء للصلاة بكل شيء من ذلك.

ش: أي خالف القوم المذكورين، جماعة آخرون، وأراد بهم: الثوري والأوزاعي وأبا حنيفة والشافعي ومالكا وأصحابهم، وهو أيضًا مذهب الخلفاء الأربعة، وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبي الدرداء وأبي طلحة وعامر بن ربيعة وأبي أمامة - رضي الله عنهم - وجماهير التابعين، وقد ذكرناه مستقصى.

قوله: "بأكل شيء من ذلك" أي من لحوم الإبل وغيرها.

فإن قيل: ما حكم البقر في ذلك؛ لأنه لم يذكر في الحديث؟.

قلت: روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٢): نا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم قال: "ليس في (لحوم) (٣) الإبل والبقر والغنم وضوء".


(١) رواه الترمذي في "جامعه" (١/ ١٠٩ رقم ٧٤) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (١/ ١٧٢ رقم ٥١٥)، وأحمد في "مسنده" (٢/ ٤٧١ رقم ١٠٠٩٥) وغيرهم.
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (١/ ٥١ رقم ٥٢٠).
(٣) في "مصنف ابن أبي شيبة": لحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>