للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: ما أركما تفرقتما، أي لما كنتما متشاجرين، أحدكما يدعي البيع والآخر ينكره، لم تكونا تفرقتما الفرقة التي يتم بها البيع، وهي خلاف ما قد تفرقا بأبدانهما.

ثم بعد هذا فقد وجدنا عن رسول الله -عليه السلام- ما يدل على أن البيع يملكه المشتري بالقول دون التفرق بالأبدان، وذلك أن رسول الله -عليه السلام- قال: من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه" فكان ذلك دليلاً على أنه إذا قبضه حل له بيعه، وقد يكون قابضا له قبل افتراق بدنه وبدن بائعه، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من ابتاع طعاما، فلا يبعه حتى يستوفيه" وسنذكر هذه الآثار في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.

حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة (ح).

وحدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو الأسود، قال: ثنا ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، عن سعيد بن المسيب، قال: سمعت عثمان بن عفان -رضي الله عنه- يخطب على المنبر يقول: "كنت أشتري التمر فأبيعه بربح الآصع، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا اشتريت فاكتل، وإذا بعت فَكِلْ، فكان من ابتاع طعاما مكايلة فباعه قبل أن يكتاله لا يجوز بيعه، فإذا ابتاعه فاكتاله وقبضه ثم فارق بائعه فكلٌّ قد أجمع أنه لا يحتاج بعد الفرقة إلى إعادة الكيل، وخولف بين اكتياله إياه بعد البيع قبل التفرق، وبين اكتياله إياه قبل البيع، فدل ذلك أنه إذا اكتاله اكتيالا يحل له بيعه، فقد كان ذلك الاكتيال منه وهو له مالك.

وإذا اكتاله اكتيالا لا يحل له بيعه فقد كاله وهو غير مالك له.

فثبت بما ذكرنا وقوع ملك المشتري في البيع بابتياعه إياه قبل فرقة تكون بعد ذلك، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار.

ش: أي ثم بعد ما ذكرنا من الدلائل الدالة على أن المراد من التفرق هو التفرق بالأقوال لا بالأبدان، قد وجدنا في الأحاديث عن النبي -عليه السلام- ما يدل على أن المشتري يملك المبيع بالقبول من غير شرط التفرق بالأبدان، وهو في قوله -عليه السلام-: "من ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه" على ما يأتي إن شاء الله تعالى،

<<  <  ج: ص:  >  >>