الثاني: عن يزيد بن سنان القزاز شيخ النسائي، عن أبي الأسود النضر بن عبد الجبار المصري كاتب لهيعة بن عيسى قاضي مصر، عن عبد الله بن لهيعة، عن موسى بن وردان ... إلى آخره.
وأخرجه البزار في "مسنده"(١) نا محمد بن عبد الرحيم، قال: ثنا الحسن بن موسى، قال ابن لهيعة: نا موسى بن وردان، قال: سمعت سعيد بن المسيب، قال: سمعت عثمان بن عفان يقول على المنبر: "كنت ابتاع التمر واكتال في أوعيتي، ثم أهبط به إلى السوق، فأقول فيه كذا وكذا، فآخذ ربحي وأخلي بينهم وبينه، فبلغ ذلك النبي -عليه السلام-، فقال: إذا ابتعت فاكتل وإذا بعت فكل".
قوله:"الآصُع" بمد الهمزة وضم الصاد: جمع صاع، ويجيء على أصوع أيضًا وهو الأكثر، وقد تبدل الهمزة من الواو، وقد قيل: إن الآصع اصله الأصوع الذي هو جمع صاع، فَنُقِلت الواو إلى ما قبل الصاد، فصار أوصعًا، ثم قلبت الواو ألفا فصار آصعًا، فيكون فيه قلبان قلب "الواو" من وضعه وقلبها "ألفا". فافهم.
قوله:"اكتل" أمر من اكتال يكتال، وكذلك قوله:"كِلْ" أمر من كال يكيل، كباع يبيع الأمر منه بيع، فالاكتيال له والكيل عليه.
ص: وأما من طريق النظر: فإنا قد رأينا الأقوال تملك بعقود في أبدان وفي أموال وفي منافع وفي أبضاع، فكان ما تملك به من الأبضاع هو النكاح، فكان يتم بالعقد لا بفرقه بعد العقد، وكان ما تملك به المنافع هو الإجارات، فكان ذلك أيضًا مملوكا بالعقد لا بفرقة بعد العقد، فالنظر على ذلك أن تكون كذلك الأموال المعقودة بسائر العقود من البيوع وغيرها، تكون مملوكة بالأقوال لا بفرقه بعدها؛ قياسًا ونظرًا على ما ذكرنا من ذلك.