حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب وأبو الوليد، قالا: ثنا شعبة، عن عمرو ابن مرة، عن أبي البختري قال:"سألت ابن عباس -رضي الله عنهما- عن بيع النخل، فقال: نهى رسول الله -عليه السلام- عن بيع النخل حتى يأكل منه، أو حتى يؤكل منه".
حدثنا محمد بن خزيمة، قال: ثنا عبد الله بن رجاء، قال: أنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا البختري الطائي يقول: "سألت ابن عباس عن السلَم، فقلت: إنا ندع أشياء لا نجد لها في كتاب الله -عز وجل- تحريمًا، فقال: إنا نفعل ذلك؛ نهى رسول الله -عليه السلام- عن بيع النخل حتى يؤكل منه".
حدثنا روح بن الفرج، قال: ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: ثنا الفضل ابن فضالة، عن خالد:"أنه سمع عطاء بن أبي رباح عن الرجل يبيع ثمرة أرضه رطبا كان أو عنبا، يسلف فيها قبل أن تطيب، فقال: لا يصلح؛ إن ابن الزبير -رضي الله عنهما- باع ثمرة أرض له ثلاث سنين، فسمع بذلك جابر بن عبد الله الأنصاري، فخرج إلى المسجد فقال في أناس: منعنا رسول الله -عليه السلام- أن نبيع الثمرة حتى تطيب".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب، قال: ثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال:"سألت ابن عمر -رضي الله عنهما- عن السلف في الثمر، فقال: نهى عمر - رضي الله عنه- عن بيع الثمر حتى يصلح".
فدلت هذه الآثار التي ذكرناها على الثمار المنهي عن بيعها قبل بُدُوِّ صلاحها ما هي، وأنها المبيعة قبل كونها المسلف عليها، فنهى عن ذلك رسول الله -عليه السلام- حتى تكون، وحتى يؤمن عليها العاهة، فحينئذ يجوز السلم فيها، أَوَلا ترى أن ابن عمر -رضي الله عنهما- لما سأله أبو البختري عن السلم في النخل كان جوابه له في ذلك ما ذكر في حديثه من النهي عن بيع الثمار حتى تطعم، فدل ذلك على أن النهي إنما وقع في الآثار التي قدمنا ذكرها في هذا الباب على بيع الثمار قبل أن تكون ثمارًا، ألا ترى إلى قول النبي -عليه السلام-: "أرأيت إن منع الله الثمرة. بما يأخذ أحدكم مال أخيه؟ ".