للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: استدلت به المالكية على كون الثمرة مع الإطلاق للبائع بعد الإبار إلا أن يشترط، وأنها قبل الإبار للمشتري.

قلت: إنما قالوا كذلك لأن مالكا يرى أن ذكر الإبار ها هنا لتعليق الحكم عليه ليدل على أن ما عداه بخلافه.

وقال أبو حنيفة: تعليق الحكم به إما للتنبيه به على ما لا يؤبر أو لغير ذلك، ولم يقصد به نفي الحكم عما سوى الحكم المذكور.

وقال القاضي عياض: الثمرة قبل الإبار تشبه الجنين قبل الوضع، وبعد الإبار تشبه الجنين بعد الوضع، فكما كانت الأجنة قبل وضعها للمشتري، وبعد وضعها للبائع، وجب أن يجري الثمر هذا المجرى، وأما إذا لم تؤبر، وثبت أنها للمشتري، فهل يجوز للبائع أن يشترطها؟ المشهور في المذهب عندنا: أن ذلك لا يجوز، وبالإجازة قال الشافعي، وتلخيص مآخذ اختلافهم في الحديث: أن أبا حنيفة استعمل الحديث لفظا ومعقولا، واستعمله مالك والشافعي لفظا ودليلا ولكن الشافعي يستعمل دلالته من غير تخصيص ويستعملها مالك مخصصة.

وبيان ذلك: أن أبا حنيفة جعل الثمرة للبائع في الحالين وكأنه رأى أن ذكر الإبار تنبيه على ما قبل الإبار، وهذا المعنى يسمي في الأصول معقول الخطاب، واستعمله مالك والشافعي على أن المسكوت عنه حكم غير حكم المنطوق وهذا يسميه أهل الأصول: دليل الخطاب.

الثالث: قال مالك: إذا لم يشترط المشتري الثمرة في شراء الأصل جاز له شراؤها بعد شراء الأصل، وهذا مشهور قوله، وعنه أنه لا يجوز له إفرادها بالشراء ما لم تطب. وهو قول الشافعي، والثوري وأهل الظاهر وفقهاء أصحاب الحديث.

وأبو حنيفة يراها إذا لم يشترطها المشتري قبل الإبار، وبعده إذا كانت قد ظهرت للبائع إلا أن عليه قلعها لحينه، وليس عليه تركها للجذاذ والقطاف فمتى اشترط بقاءها فسد عنده البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>